إلىّ ، (لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ) يحتمل قوله : (سُلْطانٌ) ، أي : حجة ؛ لأنهم إنما يتبعون أمر الله بحججه ؛ فلا يتبعون الشيطان بأمانيه التي يمنيهم ، وشبهاته التي يشبه عليهم.
أو أن يكون قوله : (لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ) ، أي : سلطان القهر والغلبة ؛ إنما له عليهم الدعاء والتزيين لا غير.
أو أن يكون قوله : (إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ) : من الحجة والملك على ما ذكرنا ؛ إنما سلطانه عليهم سلطان الولاية على الذين يتولونه.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَكَفى بِرَبِّكَ وَكِيلاً).
يحتمل : (وَكِيلاً) : عاصما يعصمك عن تمويهاته وتسويلاته ، وناصرا ينصرك على مكايده ، أو مفزعا تفزع إليه ، أو معتمدا تعتمد عليه في جميع أمورك ، والله أعلم.
قوله تعالى : (رَبُّكُمُ الَّذِي يُزْجِي لَكُمُ الْفُلْكَ فِي الْبَحْرِ لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ كانَ بِكُمْ رَحِيماً (٦٦) وَإِذا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلاَّ إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكانَ الْإِنْسانُ كَفُوراً (٦٧) أَفَأَمِنْتُمْ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمْ جانِبَ الْبَرِّ أَوْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حاصِباً ثُمَّ لا تَجِدُوا لَكُمْ وَكِيلاً (٦٨) أَمْ أَمِنْتُمْ أَنْ يُعِيدَكُمْ فِيهِ تارَةً أُخْرى فَيُرْسِلَ عَلَيْكُمْ قاصِفاً مِنَ الرِّيحِ فَيُغْرِقَكُمْ بِما كَفَرْتُمْ ثُمَّ لا تَجِدُوا لَكُمْ عَلَيْنا بِهِ تَبِيعاً (٦٩) وَلَقَدْ كَرَّمْنا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْناهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْناهُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ وَفَضَّلْناهُمْ عَلى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنا تَفْضِيلاً)(٧٠)
وقوله ـ عزوجل ـ : (رَبُّكُمُ الَّذِي يُزْجِي لَكُمُ الْفُلْكَ فِي الْبَحْرِ).
(يُزْجِي) يجري ويسير ويسوق الفلك في البحر.
قال الحسن : أي : سخر الفلك والسفن لنا في البحر ، والدّواب في البر ؛ لنقطع بها البحار والمفاوز والبراري ؛ لنصل بذلك إلى حوائجنا التي جعلت لنا في البلدان النائية والأمكنة البعيدة.
وكذلك قال في قوله ـ تعالى ـ : (يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ) [يونس : ٢٢] ، أي : سخر لنا ذلك.
ونحن نقول كذلك : سخر لنا ما ذكر ، إلا أن إضافة ذلك إليه على قولنا (١) : إن أفعالنا مخلوقة له (٢). ثم يذكر فيه قدرته وسلطانه وعلمه حيث خلق الخشب ، وجعل فيه معنى : يقر على وجه الماء مع ثقله ، ومن طبع الشيء الثقيل التسرب في الماء والتسفل فيه ، ولا
__________________
(١) زاد في ب : هو خلق سيرنا وجريتنا وفي البر وفي البحر على قولنا.
(٢) في ب : لنا.