فيعرف بهذا الروح العلمي عيانا وبداهة حقيقة نبوته ورسالته ويعرف الملك الذي جاء بالوحي بحقيقة المعرفة والبداهة كما يعرف نفسه فافهم ذلك فإنه لو لم يكن عنده على حقيقة نبوته ورسالته حجة إلهية نورية مصونة ومعصومة بذاتها عن الجهالة والغفلة والنسيان والخطأ يرتفع الفرق بين الرسالة والنبوة والتحديث وبين مكاشفة الصوفي والقطع الفلسفي فبروح القدس يرى ويعرف الواقع ويرى ويعرف انما يعرفه عين الواقع واما الصوفي والفيلسوف فعلى زعمهم انهم أصحاب الواقع وليس عندهم حجة على أصابتهم فيخطىء بعضهم بعضا وينكر بعضهم على بعض فبروح القدس يأخذ الرسول والنبي النبوة والرسالة بها ويحملها ويحفظها ويبلغها وروح القدس لا يزل ولا يخطئ ولا يغفل ولا ينسى ولا يلهو ولا يسهو ولا يلعب فاذا قام بوظائف الرسالة والنبوة يحمل أثقالها وتحمل مشاقها والصبر على شدائدها بالجد البالغ والوفاء الصادق افترض الله طاعته على الناس وجعله الله تعالى أماما عليهم يأتمون به فقال تعالى (ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا) (الحشر ـ ٧) وقال تعالى (مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللهَ) (النساء ـ ٨٠) وقد صرح تعالى بوجوب طاعته في القرآن الكريم ما يقرب ثلاثين آية وقرن طاعته بطاعته بالعنايات المختلفة بحسب الموارد والمقامات وقد صرح تعالى بعصمة من أوجب طاعته على الناس من أول عمره الى آخره من صغائر الذنوب وكبائرها حيث قال تعالى (إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً قالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قالَ لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) البقرة / ١٢٤.
ويرجع ذلك عند التحليل إعطائه تعالى وتمليكه إياه الولاية التشريعية على جميع الناس وهذا هو المنصب الخطير والملك العظيم لم يعط الله مثل ذلك أحدا من العالمين فهو صلىاللهعليهوآله بمقام ولايته الكبرى له حق الأمر والنهي في الناس فيصير ما أمر به ونهى عنه سنة وسيرة وعين الدين والشريعة يجب اتباعه وله حق التصرف والمداخلة في أمور الناس وشئون الاجتماع وإصلاح العباد والبلاد وليس ذلك لأحد لا قليل ولا كثير إلا باذنه وأمره (ص).
الرابع قوله تعالى (وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ).
قال في القاموس ج ٤ ص ٤١٠ أولو جمع لا واحد له من لفظه وقيل اسم جمع واحده ذو وأولات للإناث واحدها ذات انتهى.
أقول والمراد منه كما في نظائره مثل أولو الألباب وأولو الأبصار وغيره ومعناه اي من كان واجدا وحائزا للبصيرة واللب ومن كان واجدا ومالكا للأمر وبديهي عند