بطاعة اولي الأمر واولي الأمر جمع وعندهم لا يكون في زمان واحد إلا إمام واحد وحمل الجمع على الفرد خلاف الظاهر انتهى.
أقول والجواب ما ذكرناه في الجواب عن الشبهة الأولى للرازي وخلاصته ان قوله تعالى (وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) جمع مطلق في معرض التقييد فلا يجوز لأحد الأخذ بهذا الإطلاق قبل الفحص عن تفاصيلها وعند الرجوع والفحص عنها يتضح ويتبين بالسنن المتواترة عن الرسول (ص) ان أولي الأمر المعصومون بنص الآية الكريمة رجال من أهل بيت النبوة والرسالة سماهم رسول الله بأسمائهم وأسماء آبائهم ونعوتهم وصفاتهم قد جعل الله لهم الولاية لأمور المسلمين يتولونها بهذه الولاية الإلهية واحد منهم وهذا الجعل والتشريع كما هو صريح الآية الكريمة ومفاد الأدلة الأخرى انما كان جعله تعالى وعطائه تعالى إياهم هذه الولاية لا من رسول الله وليس من الأمور المفوضة إلى رسول الله (ص) وانما كان عليه (ص) ان يعرفهم للناس وإظهار ما جعل الله تعالى لهم من الحق.
فقد اتضح من جميع ما ذكرنا ان قوله تعالى (أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) سواء كان جمعا أو اسم جمع ومطلقا من حيث اشتماله على الإفراد المجتمعة في عصر واحد وفي عرض واحد أو عدة بعد عدة متعاقبين في جميع الأعصار أو واحد في عصر وعدة في عصر آخر الا انه يتعين المراد منه بالدليل المنفصل ان المراد منه انهم يتولون الأمور في كل عصر واحد منهم بعد واحد واتضح أيضا أن هذا ليس من باب حمل الجمع على المفرد كما توهمه الرازي.
بل هذا كما ذكره بعض المفسرين من باب الأخذ بالجمع بالحقيقة وتقييد إطلاقه بالدليل المنفصل وهذا إطلاق شائع رايج مثل أكرم علماء بلدك بضرورة انه لا احتياج في امتثاله الإكرام بقيد المجموع بل يتحقق الامتثال متعاقبا ومجتمعا انتهى ما ذكره بتوضيح وتلخيص منا.
أقول حمل الجمع على الجمع بعنوان المجموعي يحتاج إلى عناية زائدة في الكلام وليس في الآية الكريمة ونظائرها ما يدل عليها.
ومن المعلوم بالضرورة ان في القضايا الحقيقية لا يمكن الامتثال الا بالتعاقب والتناوب مثل قوله تعالى (فَلا تُطِعِ الْمُكَذِّبِينَ) (ن ٨) وقوله تعالى (وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ).