الوجه الثالث قال الرازي في تفسيره ج ١٠ ص ١٣٦ انه قال (فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ) ولو كان المراد من أولي الأمر الإمام المعصوم لوجب ان يقال فان تنازعتم في شيء فردوه الى الامام فثبت ان الحق تفسير الآية بما ذكرناه انتهى.
أقول يرد عليه أن معنى الرد الى الله على ما سيجيء تفسيره إنشاء هو الأخذ بمحكمات الكتاب ومعنى الرد الى الرسول هو الأخذ بسنته الجامعة المحكمة ومحكمات الكتاب والسنة من الأصول الثابتة الدينية التي يرد عليها كل شبهة ويستنبط منها حكم كل حادثة وقد اشتبه الأمر على الرازي والجصاص ونظرائهما ولم يعرفوا ان معنى الرد الى الرسول هو الأخذ بسننه المحكمة ووجه كونهما مرجعا ومردا لأهل الإسلام انما هو لأجل صراحتهما ودلالتهما ووضوح حكايتهما من الحكم والموضوع الذي وقع مورد النزاع على وجه القطع والضرورة بحيث تتم الحجة على العالم وعلى الجاهل مع جهله ومعنى كون الامام مرجعا لأهل السلام ان أئمة المسلمين مصادر لأمور المسلمين فإنهم أولياء أمورهم بنص الآية ولهم الولاية الإلهية في قبض الأمور ورتقها وفتقها في جميع الشؤون الاجتماعية فالائمة يفتون باستنباط الأحكام من الكتاب والسنة مصونا عن الخطأ ، والكتاب والسنة محكماتهما ومتشابهاتهما محكم عندهم ويأمرون وينهون ويحكمون ويقبضون فيجب على جميع الأمة الرجوع إليهم في الفتاوى والأقضية والتفقه والتعلم وليس لأحد ان يتخلف عن أمرهم وحكمهم وقضائهم كما انه لا يجوز ان يتخلف عن أمر رسول الله في ما كان يأمر وينهى بالولاية الإلهية في الأمور وقد تخلف عن أمره عدة في الأمر بتجهيز جيش تبوك وبعض عند امره بتجهيز جيش أسامة وقد أمر بتجهيز جيش أسامة عند قرب وفاته.
فتحصل ان الوجه والعناية في قوله (وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) وجوب طاعته في ما له ولاية الأمر والنهي ومعنى الرد الى الكتاب والسنة كونهما كاشفا وحجة على مدلولهما في مورد التنازع ولا تماس بين صدر الآية وذيلها من حيث الوجه والمورد. فان قلت فما تقول في ما تقول الإمامية بحجية قول الإمام في الشؤون الدينية. قلت انما يقولون بذلك لأجل عصمته في ما يستنبط من الكتاب والسنة في باب الأحكام فأي منافات بين ذلك وبين كون محكمات الكتاب والسنة مردا للمتنازعين ضرورة أن الفتوى والحجة للإمام من الكتاب والسنة وهو عين مفاد الكتاب والسنة وكذلك علومه الأخرى من الكتاب والسنة غير باب الأحكام وكذلك علومه الأخرى من غير الكتاب والسنة مثل التحديث ونظائره فلا تنافي بين مثبت ومثبت وحجة وحجة غاية الأمر