بيان : قوله تعالى (وَمِنَ اللَّيْلِ) اي بعضها منها قوله تعالى (فَتَهَجَّدْ بِهِ) اي بالقرآن وفي القاموس الهجود النوم الى ان قال هجده فتهجد أيقظه ونومه انتهى.
أقول قد أمر الله تعالى رسوله ان يسهر بعضا من ليله بقراءة القرآن وهو مطلق سواء كان التهجد بالقرآن في الصلاة أو في غيره من حالاته.
قوله تعالى (نافِلَةً لَكَ) قال في القاموس النافلة الغنيمة والعطية وما يفعله ما لم يجب انتهى.
أقول تفسير النافلة والعطية هو أظهر لمكان تعديتها باللام اي ان قيامه (ص) بالليل وانقطاعه الى الله أعظم غنيمة وموضع عطية كريمة من الله سبحانه.
قال في المجمع ج ٦ ص ٤٣٤ اي زيادة لك على الفرائض وذلك ان صلاة الليل كانت فريضة على النبي (ص) انتهى. أقول لو كان المراد من النافلة الزيادة لكان حق التعبير زيادة عليك.
وقوله تعالى (فَتَهَجَّدْ بِهِ نافِلَةً) الآية فيه وجهان الأول انه أمر من الله سبحانه الى رسوله وإطلاق الأمر يقتضي وجوب التهجد عليه وحيث ان ظاهر الآية اختصاص الخطاب بدون غيره فلا محالة يكون الواجب مختصا به (ص) ويؤيد هذا الوجه ذيل الآية (عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ) الآية على ما سيأتي من البيان. الثاني ان صدر الآية وهو قوله (أَقِمِ الصَّلاةَ) ظاهر في بيان أوقات الصلاة على نحو الكلي وعلى نحو القضية الحقيقية لكل من جمع شرائط التكليف وقوله تعالى (وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ) وارد في هذا السياق وظاهرة في إفادة عموم الحكم على عموم المكلفين واما وجوب النافلة على رسول الله (ص) فإنما استفيد من الأدلة الأخرى لا من هذه الآية ولو لا قيام القرائن المنفصلة على ان الأمر بالتهجد ندبي لكان مدلول الآية هو الوجوب مثل قوله (أَقِمِ الصَّلاةَ) في أول الآية.
قوله (عَسى) الآية في مرحلة التعليل والتفريع لقوله تعالى (أَقِمِ الصَّلاةَ) وقوله تعالى (فَتَهَجَّدْ). وللأخير فقط كما ذكرنا والظاهر ان قوله عسى يفيد الرجاء والترجي وواضح ان رجائه تعالى شيئا لغيره ليس كرجاء غيره شيئا لنفسه ولغيره بل رجائه تعالى شيئا لغيره هو عين وعده الجميل وهو سبحانه صادق الوعد وافي القول فلا يخلف الميعاد البتة قال في المجمع ج ٦ ص ٤٣٤ عسى من الله واجبه انتهى.
أقول والتعبير الأحسن ما ذكرناه فان التعبير بالواجب بالنسبة إليه تعالى لا يخلو عن المناقشة. قوله تعالى (عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ) الآية البعث من الألفاظ الشائعة في الكتاب والسنة فقد استعمل في موارد الأمور الحسية كما في بعث الجنود والجيوش ونظائرها في الأمور المعنوية القدسية قال تعالى (فَبَعَثَ اللهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ) الآية