الفضل والرحمة لو اجتمعت جميعها أو عدة منها فلا تزاحم ولا تضاد بينها غاية الأمر كفاية واحد منها لا المزاحمة والممانعة بينها لو اجتمعت فان مورد الشفاعة هو المؤمن المذنب والله العالم بمعاني كلامه والظاهر ان الجواب الأول هو الأولى.
(الآية العاشرة)
قال تعالى (وَإِذا قِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللهِ لَوَّوْا رُؤُسَهُمْ وَرَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ) (المنافقون ٥) بيان قد ذم الله سبحانه المنافقين على نفاقهم وكفرهم بالله وبرسوله (ص) وعلى ارصادهم لرسوله وإيجاد العوائل عليه (ص) في أمر دعوته الحقة وعلى امتناعهم من التوبة وعلى استكبارهم من الاستشفاع برسوله كي يسأل ربه مغفرتهم وواضح أن الآية الكريمة تدل دلالة واضحة انهم لو رجعوا وتابوا عن كفرهم ونفاقهم وجاءوا الى رسول الله (ص) واستشفعوا واستغفر لهم رسول الله (ص) (لَوَجَدُوا اللهَ تَوَّاباً رَحِيماً) اما مع إصرارهم على كفرهم وتفاهتهم وسيئاتهم فلا يستغفر لهم رسول الله (ص) فإنه يوالي أعداء الله ولا يستشفع للذين خرجوا عن ولاية الله سبحانه لقبحه وحرمته عقلا وقد نهاه تعالى عن ذلك قال تعالى (وَلا تُصَلِّ عَلى أَحَدٍ مِنْهُمْ ماتَ أَبَداً وَلا تَقُمْ عَلى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَماتُوا وَهُمْ فاسِقُونَ). التوبة ـ ٨٥.
(الآية الحادية عشرة)
قال تعالى (فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ) آل عمران ـ ١٥٩.
بيان : قد ذكر الله سبحانه حلم رسوله وحسن خلقه (ص) مع جماعة من أصحابه الذين صدر منهم ما لا يرضى به رسول الله كما يحكيه تعالى عنهم في الآيات السابقة فاستحقوا بذلك أن يعاملهم (ص) معاملة من أساء الأدب في ساحته فحلم عنهم وتساهل معهم فرضي سبحانه بذلك وأحسن الثناء على رسوله (ص) فقال (فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللهِ) إلخ والفظاظة قيل أن يكون الإنسان جافيا في كلامه سيء الخلق والغلظة في القلب عديم الرأفة والرحمة فأمر الله سبحانه رسوله بالعفو عنهم والاستغفار لهم لئلا يبقى فيهم دنس مخالفة الرسول ومعصية الله سبحانه توجب سقوطهم وانحطاطهم عن درجات الايمان وحرمانهم عن مواهب الله سبحانه التي يختص بها من يشاء من المهتدين ثم زاد الله سبحانه على الفضل فضلا وعلى الإحسان إحسانا فأمر رسوله أن يدخلهم في جملة أصحابه المخلصين المشاورين له (ص) في مهام الأمور في ذلك ترفيع لأقدارهم وتأليف لقلوبهم إلى الإسلام وتطييب صدورهم من الغل بالآية الكريمة ناصة في أمره تعالى بالشفاعة وطلب المغفرة ابتداء من غير استشفاع من طرف المذنبين والقدر المتيقن من الأمر تشريع الشفاعة والترخيص فيها ونفوذها وقبولها عند الله سبحانه واما دلالة الأمر على الوجوب