(الآية الثانية) (١)
قال تعالى (أَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهارِ وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ ذلِكَ ذِكْرى لِلذَّاكِرِينَ) (هود آية ١١٥) قوله تعالى :
(أَقِمِ الصَّلاةَ) الآية تقدم تفسيرها في الآية السابقة ـ قوله تعالى ـ (طَرَفَيِ النَّهارِ). ذكر في القاموس من معاني الطرف والناحية ومنتهى الشيء ولا مانع من أن يكون من نفس الشيء أو خارجا عنه مماسا به قريبا منه كقولهم كريم الطرفين أي أبا واما ، انتهى ، فعلى هذا يكون المراد من طرفي النهار الغداة والمغرب.
وزلف. جمع زلفة. في القاموس. الزلفة بالضم. الدرجة والمنزلة الى ان قال الطائفة من الليل جمع زلف كغرفة وغرف والزلف ساعات الليل الآخذة من النهار وساعات النهار الآخذة من الليل. فقوله تعالى (زُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ) بعد بيان صلاة المغرب يكون المراد العشاء الآخرة وفي تفسير العياشي عن حريز عن أبي عبد الله (ع) (أَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهارِ) قال طرفاه المغرب والغداة (وَزُلَفاً) وهي صلاة العشاء الآخرة وعن ابن عباس والحسن والجبائي طرفي النهار. وقت صلاة المغرب والفجر وقد تكلف بعض المفسرين في استخراج أوقات الفرائض الخمس من هذه الآية.
وقال في المجمع قالوا وترك ذكر الظهر والعصر لأحد أمرين اما بظهورهما انهما صلاة النهار فكأنه قال أقم الصلاة طرفي النهار مع المعروفة من صلواة النهار وأما لأنهما مذكورتان بالتتبع للطرف الأخير لأنهما بعد الزوال فهما أقرب إليه انتهى ما أردناه.
ولا يخفى فيه من الضعف بعدم اعتماده على ظهور آية أو دلالة رواية وفي التبيان قال الزجاج يعني الغداة والظهر والعصر وبه قال مجاهد والضحاك ومحمد بن كعب القرطبي لان طرف الشيء من الشيء وصلاة المغرب ليست من النهار انتهى. وروى الجصاص هذا القول عن الحسن وقال قد انتظمت الآية الصلوات الخمس
أقول الظاهر ان هذا القول مختار الجصاص ما فيه من الوهن ، فان الوقت المضروب على صلاة الظهر الزوال بنص الكتاب الكريم وهو قلب النهار ووسطه وكذلك العصر بعدها فحمل الطرف وتفسيره بالوسط ليس إلا إخراج اللفظ عن معناه وقوله طرف الشيء من الشيء اجتهاد في اللغة لا ينبغي الإصغاء إليه فتبين في المقام ان الأظهر في معنى الآية أن المراد من طرفي النهار المغرب والغداة وزلفا صلواة العشاء الأخيرة وعرفت تفسير الآية بذلك في رواية حريز عن أبي عبد الله وفي معناها رواية أخرى عن الباقر (ع) قوله تعالى (إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ) قيل المراد بالحسنات الصلوات المذكورة في الآية واللام للتعريف أقول في ظاهر الآية
__________________
(١) الاية من (آيات تبحث فيها عن وجوب الصلاة وحدودها) مضت الآية الاولى في صفحة ١٣٤.