المالكية بالمعنى الذي ذكرناه وأولوا جميع ما في الكتاب والسنة من لفظ المالك والمليك وغيرها الى القيومية.
إذا تقرر ذلك فنقول : ذكر بعض المفسرين كما في تفسير الرازي ان المراد من قوله تعالى (وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ) هي المالكية التكوينية وردها المحققون وقالوا ان المراد في المقام هو الملك التشريعي أي أن له تعالى حق التصرف بشارعيته وله سبحانه حق التقنين والتشريع فيها بما شاء وكيف أراد ويشهد على ذلك التفريع المذكور في الآية وهو قوله (فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ) فان التفريع المناسب والملائم على المالكية التكوينية حق الإيجاد والإبقاء والافناء وأمثالها لا توليه الوجوه وأمثاله من الأحكام التعبدية.
فتلخص ان الآية الكريمة سيقت في مساق تشريع القبلة وأجاز ورضي تعالى بتولية الوجوه الى حيث ما أرادوا وأينما تولوا ففيها مرضاته سبحانه وبديهي ان الآية في غاية الظهور في إفادة الوسعة من حيث الجهة فما عن الكشاف وجنح اليه بعض المحققين ان الآية سيقت لبيان التوسعة في المكان والإجمال من حيث الجهة فيقيد بقوله (وَحَيْثُ ما كُنْتُمْ) الآية في نهاية الوهن والسقوط وقد أفادت الآية الكريمة حكما عاما كليا فيسقط ما ذكروه فيها من الوجوه والأقوال وقد أنهاها الرازي في تفسيره إلى سبعة أقوال وحيث ان الآية الكريمة في معرض التخصيص فلا محذور بعد خروج موارد التخصيص في الأخذ بعمومها. ومن مخصصاتها قوله تعالى (وَحَيْثُ ما كُنْتُمْ) الآية. بعد تخصصها وتوضيحها بالأدلة المنفصلة فإن الآية سيقت على ما صرح به أهل البيت (ع) في الفرائض خاصة وهكذا. فعلى عهدة الفقيه الفحص والبحث عن المخصصات وبعد اليأس الأخذ على ما بقي من عمومها. قال بعض الأعاظم في هذا المقام : ومن هنا استدل بها أهل البيت (ع) على الرخصة للمسافر ان يتوجه في نافلته الى أي جهة شاء وعلى صحة صلاة الفريضة إذا وقعت بين المشرق والمغرب خطأ وعلى صحة صلاة المتحير إذا لم يدر أين وجه القبلة وقد تلاها سعيد بن جبير رحمهالله لما أمر الحجاج بذبحه إلى الأرض وهذه الآية مطلقة وقد قيدت بالصلاة الفريضة بلزوم ـ التوجه فيها الى بيت المقدس تارة والى الكعبة أخرى انتهى ما أردناه.
أقول : لا تنافي بين الروايات التي ذكرها في الموارد المذكورة. فإنها من إفراد المعنى العام المطلق وجميعها مما ينطبق على الآية الكريمة ولا تنافي بين المثبتات وانما التنافي بين المثبت والنافي ثم ان من عجيب الأمر ما روي عن قتادة انها منسوخة بقوله تعالى (فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ) وأعجب منه ما عن ابن عباس وجماعة من العامة أنها منسوخة بقوله تعالى (وَحَيْثُ ما كُنْتُمْ) الآية وفيه.
أولا ان لازم ذلك القول انه (ص) والمسلمون كانوا قبل قبلة الكعبة مخيرين أينما