بنعمة اللباس والرياش والاستفادة والتمتع بهما بأنواع التمتع وفي مقام الاستدلال به على مواهبه سبحانه فليست في مقام الجعل والتشريع وجوبا أو قد يشعر الاستدلال بها على وجوب ستر العورة الا ان يقال باستقلال الفعل بوجوب ستر العورة ومقابح البدن فالآية تذكر وإرشاد إلى حكم العقل.
قال الجصاص في كتابه أحكام القرآن (ج ٣ ص ٣٧) وقوله تعالى (قَدْ أَنْزَلْنا عَلَيْكُمْ لِباساً) الآية قوله تعالى (وَطَفِقا يَخْصِفانِ عَلَيْهِما مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ) الآية (أعراف ٢٣) يدل على فرض ستر العورة لاخباره انه انزل علينا لباسا نواري به سوءاتنا الى ان قال وقد اتفقت الأمة على معنى ما دلت الآية من لزوم فرض ستر العورة انتهى.
وقال المحقق الأردبيلي : ففي الأول إشارة إلى وجوب ستر العورة مطلقا لقوله (يُوارِي سَوْآتِكُمْ) فإنه يدل على قبح الكشف وان التستر مراد الله تعالى وفي الثاني إلى استحباب التجمل باللباس ويمكن فهم اشتراط كون اللباس مباحا لان الله لا يمن بإعطاء الحرام. انتهى.
أقول ما ذكره من فهم اشتراط الإباحة فلا كلام فيه للاستقلال بحرمة الظلم والغصب ، هذا عن دلالة هذه الآية. إنما الكلام في دلالتها على وجوب ستر العورة مع قطع النظر عن الأدلة القطعية الواردة في الكتاب والسنة فاستناد الوجوب الى هذه الآية لا يخلو عن الاشكال.
ثم انهم ذكروا أن الآية تدل على ثلاثة أنواع من اللباس على الترتيب المذكور في الآية ١ ـ اللباس المطلق ٢ ـ اللباس للتجمل ٣ ـ لباس التقوى ـ وذكروا لتعيين مصداق لباس التقوى أمثلة منها ما يجب لدفع الضرر وما يجب في مقام الحرب وأمثاله أقول اللباس الواجب بالعناوين الثانوية ليس قسما رأسا في مقابل الأولين ضرورة أن اللباس بهذا العنوان له أحكام خمسة مثل غيره من أفعال المكلفين فهذا التقسيم والتسمية لا يرجع الى محصل ومما ذكرنا يعلم ضعف ما قيل ان لباس التقوى لبس البياض ولباس الزهد مثل لبس الصوف والشعر فان لباس الزهد على فرض استحبابه من باب انقسام اللباس بلحاظ الأحكام الخمسة باعتبار نفسه انما الكلام في لباس الزهد واما المعنى الذي ذكروه وليس في الإسلام للزهد لباس آخر وسيجيء إشباع الكلام في هذه المسألة في تفسير قوله تعالى (خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ) والظاهر ان الآية أشارت إلى مسألة اخلاقية وهي ان الله عز اسمه انزل عليكم لباسا يواري به سوآتكم والمقابح الظاهرية في أبدانكم ورياشا تنتفعون بها في حوائجكم وتتحملون بها في أعيادكم وجمعاتكم فالتقوى من الله والخضوع لكبريائه وتطهير النفوس من قبائح الأخلاق والتحلي بمكارمها تواضعا له تعالى وطلبا لمرضاته وتحصيل قربه أولى وأوجب فالآفات الروحية والفضائح النفسية أحوج بالستر وسترها تطهيرها فعليها إذا