(الانعام) قيل كل ذي أربع من دواب البر والبحر وفي أقرب الموارد الإبل والشاة وفيه أيضا عن المصباح المال الراعي وهو جمع لا واحد له وأكثر ما يقع على الإبل انتهى. قوله تعالى (دِفْءٌ) ضد البرد والمراد ما يدفء به من الأكسية والألبسة (والظعن) بالسكون وقرء بفتح العين أيضا الحركة والارتحال (الأثاث) ما ينتفع به في البيت والمتاع أعم منه (الأكنان) جمع كن الكهوف والمغامرات (السرابيل) القميص ومطلق اللباس بقي من الحر والظاهر أن المراد الوقاية من حرارة الشمس لئلا يشوه الخلقة ويتأذى بها ولباس الحرب الذي يقي من بأس العدو.
قوله تعالى (يُتِمُّ نِعْمَتَهُ) اي إتمام النعمة بما ذكر في هذه الآيات وكذلك المذكور في غيرها رجاء أن تسلموا وتذعنوا لله جل شأنه وهذا الرجاء منه تعالى مصداق الإيجاب وتذكر الى الحكم الضروري ببداهة العقل من وجوب الانقياد والخضوع والتسليم في مقابل ما عرف وعلم من الحقيقة وهذه التذكرة منه تعالى لإيجاب التسليم اما ان الآيات الواردة في سوق الامتنان تذكرة بآلائه ومواهبه ولا مناص للتشكر والتحميد من أولياء النعم فالله سبحانه يتحبب الى عباده بنعمة الجليلة ويتودد إليهم بآلائه الكريمة ويتعرف إلى خلقه بمواهبه العظيمة فسبحانه من الله ما أبره وما أوصله.
واما ان هذه النعم من الآيات والبراهين الدالة على وجود الإله الودود الرؤوف بحيث يشهد أعلام الوجود على إقرار قلب ذي جحود وقد أخذ بمجامع قلوبهم في تعريفهم نفسه القدوس إليهم بآياته ونعمائه فلا يبقى لذي عناد مجال ولا مقال فقد استدلوا بهذه الآيات على جواز لبس الصوف والشعر والجلود في حال الصلاة وغيرها وجواز الصلاة في الجبال والصحاري والبراري إلا ما أخرجه الدليل.
أقول قد مر مرارا ان الآيات الواردة في مساق الامتنان لا يستفاد منها الإباحة الشرعية المولوية وجميع ما ذكر فيها من الأعيان متعلق للاحكام وليست هذه الآيات عمومات ، وأدلة الأحكام مخصصة لها فلا بد ان يستدل بالحيلة بقوله (أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعامِ) و (يُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّباتِ) وأمثال ذلك.
(الآية الخامسة)
قال تعالى (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَساجِدَ اللهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعى فِي خَرابِها أُولئِكَ ما كانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوها إِلَّا خائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ) (١٥) البقرة. تنقيح البحث في الآية في مسائل :
الأولى : اختلف المفسرون في شأن نزول هذه الآية على أقوال : الأول ان الآية