والعطف والحنان بمعنى الرجوع فهي لازم يتعدى بحروف الجر فيتفاوت المعنى باختلاف الموارد فالثواب كما ذكره في القاموس وغيره من أسمائه تعالى الحسنى.
قوله تعالى (فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ). الآية قد استدل بهذه الآية على وجوب القراءة في الصلاة وتقريب استدلالهم ان الأمر يدل على وجوب القراءة ولا واجب من القراءة إجماعا إلا في الصلاة فالكبرى يجب دلالة الآية وإحراز الصغرى بالإجماع. وأورد عليه بمعنى الموجوب في غير الصلاة فيجب قراءة القرآن للاستطلاع على المعجزة الباقية للرسالة الختمية وللاشراف بدلائل التوحيد وغيرها من المعارف الحقة وزاد بعضهم ما خلاصته لئلا يندرس القرآن ويترك.
أقول يحتاج تتميم هذا الاستدلال الى بيان أمور :
الأول : أن مخاطبة الرسول (ص) ومن معه ليست على نحو القضية الشخصية بل يجب تحليلها وتفسيرها بما يؤل إلى قضية حقيقية كلية فإن أوامر القرآن وآياتها وأحكامها حية لا تموت ولا يختص بزمان دون زمان ولا بأقوام دون آخرين بل يجري كما يجري الليل والنهار وكما يجري الشمس والقمر.
الثاني : ان المراد من الوجوب المستفاد من الأمر ليس هو الوجوب النفسي الاستقلالي بل المراد هي الجزئية المنتزعة من مفاد الأمر فلا يتفصل بما قيل من التفصيل من وجوب القراءة للاطلاع على المعجزة وتحصيل المعارف أو استنباط الأحكام والتفقه في الدين فان هذا الوجوب لو سلم فإنما هو نفسي استقلالي كفائي على أن الأمور المذكورة ليست متوقفة على القراءة وانما تمكن منها بالنظر والتدبر والتفكر وليس بواجب شرعي مولوي بل يمكن ان يقال انه من الواجبات العقلية وقول بعضهم لئلا يندرس ويهجر ويترك ففيه مغلطة واضحة فإنه على فرض تسليمه يكون ترك القرآن والاعراض عن القرآن حراما وامتثال ذلك انما يكون بالقراءة فالواجب في مرحلة الامتثال حكما مولويا بالضرورة.
فإن قيل غاية ما يمكن أن يقال ان الآية ترخيص وتخفيف في صلاة الليل من الأشد الى الأسهل فتدل على جزئية القراءة في النوافل فقط فأين هذا من وجوب القراءة في الصلاة مطلقا قلت لو قلنا أن القراءة شرط وجزء في النوافل فيتم الاستدلال بعدم القول بالفرق بين الفرائض والنوافل.
الثالث : ان المراد بقوله تعالى (فَاقْرَؤُا) هي الصلاة عبر عن الصلاة بالقراءة لأنها من أشرف اجزائها وهذا هو الظاهر من الآية وعليه أكثر المفسرين ويشهد على ذلك ويؤيده ان الظاهر من قوله تعالى تقوم الآية هو القيام إلى الصلاة لا القيام المطلق ولا القيام الخالي عن الصلاة فعلى هذا فالترفيع بالفاء في قوله (فَاقْرَؤُا) هو التخفيف والتسهيل في القيام الأشق إلى الأخف من سنخه لا الى ما ينافيه ويباينه.