المرفق لم يدع له يد يسجد عليها وقال الله (أَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّهِ) يعنى به ـ بهذه ـ الأعضاء السبعة التي يسجد عليها (فَلا تَدْعُوا مَعَ اللهِ أَحَداً) وما كان لله فلا يقطع. الحديث.
أقول : لا يخفى ما في الحديث من التصريح بالمقصود وقد صرح عليهالسلام ان قوله تعالى (السَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما) لا يمكن الأخذ بإطلاق اليد فيها فإنها مخصصة بهذه الآية فيكون المراد من اليد ما سوى الكف وخارجا عنه وهي الأصابع من أصولها.
قوله تعالى (لِلَّهِ) اي بالاستحقاق والاختصاص ومنشأ هذا الاستحقاق والاختصاص انه سبحانه يملك ملكا ذاتيا حقيقيا بجميع ما سواه فلا يجوز لأحد التصرف في ملكه الا بعد الاذن والتشريع منه تعالى.
وأما المساجد السبعة فلها شأن بخصوصها فإنه قد سبق الحكم من الله سبحانه عدم جواز السجود لغير الله تعالى واختصاص هذا التكريم والتشريف لله تعالى فقط فلا يمكن ورود حكم آخر لهذا المورد منافيا ومباينا للتشريع الخاص السابق فتحصل من هذا البيان ان هذا الاختصاص والاستحقاق غير الاختصاص التكويني والمالكية الحقيقية إيجادا أو ابقاء وانما هذا حق واقعي استخلصه لنفسه وارتضاه لذاته جل مجده وثناؤه.
وأما السجود لآدم : فليست سجدة عبادة له من دون الله أو مع الله قال علي أمير المؤمنين (ع) في خطبة رواها العلامة المسعودي في مبتدإ كتابه مروج الذهب قال ـ الى ان قال ـ فلما خلق الله آدم ابان فضله للملائكة وأراهم ما خصه به حيث عرفه عند استنبائه أسماء الأشياء فجعل الله لآدم محرابا وكعبة وبابا وقبلة سجد إليها الأبرار والروحانيين الأنوار. الخطبة.
وليست سجدة يعقوب وبنيه سجدة ليوسف بل سجدوا لله شكرا لما جمع الله شملهم وقر عينهم بيوسف وبعزة الملك ، في تفسير العياشي عن ابن عمير عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله (ع) في قول الله (رَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ) قال العرش السرير وفي قوله ـ (وَخَرُّوا لَهُ سُجَّداً) ـ قال كان سجودهم ذلك عبادة لله وفي معناها أيضا من الروايات الأخرى وفيها كان سجودهم شكرا لله وفي بعضها طاعة لله.
(الآية السابعة)
قال تعالى (فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ) ـ الواقعة ٧٤ بيان ـ التسبيح : معناه التنزيه والتقديس قال في القاموس وسبحان الله تنزيها لله من الصاحبة والولد انتهى. فتسبيحه تعالى وتقديسه عما لا يليق بجنابه من صفات ما سواه من الخلق ومرجعه الى السلوب ونفي النقائص عنه من حيث ذاته وصفاته ونعوته وأفعاله