الذكر الشريف من أوضح الشواهد على ما ذكرناه من ان التحميد نوع خاص من التسبيح لا انه بمعنى الشكر لا انه ثناء وتمجيد على الجميل الاختياري من حيث انه تمجيد فمعنى الذكر اي سبحت الله سبحانا وسبحته بحمده ، وقوله ربك أقول الرب من أسمائه تعالى مشتق من ريب والفاعل منه ربب مثل. خشن. والمفعول منه مربوب.
ومن قال انه مشتق من التربية فقد وهم فان التربية مأخوذة من الربو فهو ناقص وأوى فالفاعل من التربية من باب التفعيل مربي ومن المجرد راب نعم لو أراد ان معنى الرب لغة هو المربي لكان ادعاء معقولا كما هو أحد الأقوال في المسألة فهو نزاع لغوي سيأتي تحقيق الكلام فيه.
وقد اختلف في معناه على أقوال أحدها انه بمعنى المالك وثانيها انه بمعنى السيد المطاع وثالثها انه بمعنى الصاحب ورابعها انه بمعنى المربي. أقول : لا شاهد لشيء مما ذكروه ومرجعها الى دعوى الترادف فان المالك مثلا اسم مستقل من أسمائه تعالى وله معنى خاص في باب نعوته سبحانه فتفسير الرب بالمالك يرجع الى الترادف وإلغاء المالك عن معناه الموضوع له وأعجب منه تفسير الرب بالمالك والمالك بالقيوم فلا مناص من حفظ العناية الخاصة التي تحكي عنها الأسماء مع وحدة المصداق لا إرجاع مفاهيمها بعضها الى بعض فمقابلة الرب بالمالك في قوله تعالى (رَبِّ الْعالَمِينَ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ) وكذلك مقابلته بالملك في قوله تعالى (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ مَلِكِ النَّاسِ.) الآية أصدق شاهد على ما ذكرناه.
ثم انهم اختلفوا في استعماله وإطلاقه فقال بعضهم كما في القاموس ان الرب مع اللام لا يطلق على غيره تعالى وعن بعضهم أن المجرد عن اللام والإضافة أيضا لا يطلق على غيره تعالى وقال ان الذي يطلق على غيره تعالى ما كان بالإضافة واستثنى بعضهم عن هذا الأخير كما ذكره في المنار ان لا يرد نهي فيه عن استعماله مثل قول العبد لسيده يا سيدي.
أقول وأنت ترى ما في كلامهم من الوهن والاضطراب في هذا المقام وليت شعري كيف تكون الإضافة وعدمها ودخول اللام وعدمها فارقا للمعنى الموضوع لها اللفظ كي يصح الإطلاق مع اللام ولا يصح بدونها وكذلك الكلام في الإضافة أليست اللام انما ترد على اللفظ الموضوع للمعنى الخاص.
والذي يمكن استظهاره في معنى الرب هو قيامه تعالى بأمر الخلقة والتكوين من حيث العنايات التي دبرها وأحكمها وأتقنها وأصلحها وانتظمها فهو سبحانه رب العرش العظيم ورب السماوات والأرضين ولن تجد في أمر الخلق صغيرها