وكبيرها ودقيقها وجليلها امرا جزافا فهذا التدبير العلمي العمدي في أتقن نظام وأحكمه وأحسنه آية لربوبيته تعالى ومن علاماته وبيناته فهو سبحانه يتراءى للعقول وينجلي للقلوب من حيث ربوبيته بهذه البينة الصادقة النيرة فالرب يتصادق مع المالك والمدبر والمربي والقيوم والمصلح من حيث المتعلق والمصداق الا انه ليس مترادفا معها والعناية المأخوذة فيه غير ما في غيره.
عن محمد بن يزيد قال جئت الى الرضا أسأله عن التوجيه فأملى علي فاطر الأشياء إنشاء ومبتدعها ابتداء ـ الى ان قال ـ خلق ما شاء كيف يشاء لإظهار حكمته وحقيقة ربوبيته. أقول علل (ع) الكيفية في الخلق على ما شاء لإظهار الحكمة والربوبية. وفي معناها غيرها أيضا.
قوله تعالى (الْعَظِيمِ) في المجمع قال كل شيء سواه يقصر عنه وفي رياض السالكين (ص ٤٧٨) في تفسير دعائه (ع) في يوم عرفة في شرح قوله العظيم المتعظم قال : العظيم الذي جاوز حدود العقول ان تقف على صفات كماله ونعوت جلاله. انتهى ما أردناه.
(الآية الثامنة)
قال تعالى (وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخافِتْ بِها وَابْتَغِ بَيْنَ ذلِكَ سَبِيلاً) (الاسراء ـ ١١٠).
ذكر المفسرون في تفسير الآية وجوها وأقوالا أعرضنا عن إيراد جميعها في المقام لضعفها وعدم استنادها بشيء من ظاهر الآية والعمدة منها ما روي عن أبي مسلم واختاره في كنز العرفان وادعى انه قريب من ظاهر لفظ الآية وهو أن الموارد (لا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ) كلها (وَلا تُخافِتْ بِها) كلها (وَابْتَغِ بَيْنَ ذلِكَ سَبِيلاً) بان تجهر بصلاة الليل وتخافت بصلاة النهار.
أقول الظاهر من الآية الكريمة النهي عن الإجهار بالصلوات سواء كانت فريضة أو نافلة وسواء كان ليلا أو نهارا سواء كان في القراءة أو في جميع الأذكار وكذلك الكلام بعينه في التخافت وقد اختلط الأمر على ابي مسلم ومن تبعه حيث لم يفرقوا بين وجوب الجهر في القراءة والإخفات في بعضها على نحو الشرطية في الفريضة وبين المنع عن الإجهار والتخافت في الصلوات كلها قراءاتها وأذكارها على نحو المانعية فلا وجه لحمل الآية الظاهرة في تحريم الإجهار والتخافت على الإطلاق سواء كان على نحو المانعية أو من باب التحريم التكليفي على وجوب الجهر والإخفات على نحو الشرطية فلا جامع بين المعنيين بوجه أصلا.
توضيح ذلك ان التخافت كما في القاموس حيث قال خفت خفوتا وسكن وسكت