فاتضح بفضل الله سبحانه غاية الوضوح ان الآية الكريمة في مقام تشريع نافلة الليل وهي محكمة لم تنسخ فيسقط ما ذكره الجصاص انها كانت فريضة ثم نسخت بقوله تعالى (فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ) فصارت طوعا وتسقط ما ذكره الزمخشري في تفسير (فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ) ان هذا ناسخ للأول ثم نسخا جميعا بالصلاة المكتوبات انتهى ملخصا.
وأما تفسير (فَاقْرَؤُا) فقد تقدم مفصلا
(في أحكام متعددة يتعلق بالصلاة)
قال تعالى (وَإِذا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْها أَوْ رُدُّوها إِنَّ اللهَ كانَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيباً) (النساء ٨٦).
بيان التحية مثل التذكرة والتخلية من باب التفعيل ومعناه مقدمة شيء من الدعاء والثناء والبر والإحسان إلى الغير والباء للتعدية إلى مفعول ثان وقيل أن التنوين فيها للتنويع ومن العجيب كما في المجمع والقاموس ان معناه السلام وأعجب منه تفسير السلام بالبقاء والسلامة من الموت ووجه هذا التفسير والتوجيه انهم لما قالوا أن معناه السلام والتحية مشتق من حي فلا بد من تسرية حقيقة الحياة ومفادها الى السلام أيضا).
والتحقيق ما ذكرناه أن معناه تقديم شيء من العطاء والإكرام والدعاء والثناء الى الغير فعليه يكون السلام من أفراد التحية ومصاديقها قال تعالى (أُوْلئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِما صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيها تَحِيَّةً وَسَلاماً) الفرقان ٧٥ فعطف سلاما على تحية من باب عطف الخاص على العام فإن لأهل الجنة مواهب وعطايا تحية من عند الله ولهم من الله أو من الملائكة سلاما أيضا ففي كنز العرفان عن تفسير علي بن إبراهيم عن الصادقين (ع) ان التحية هنا السلام وغيره من البر وفي القلائد عن المناقب عن أنس قال جاءت جارية للحسن (ع) بطاقة ريحانة فقال لها أنت حرة لوجه الله فقلت له في ذلك فقال أدبنا الله عزوجل فقال (إِذا حُيِّيتُمْ). الآية.
وفيه أيضا عن الخصال فيما علم أمير المؤمنين (ع) أصحابه إذا عطس أحدكم فليقولوا يرحمكم الله ويقول هو يغفر لكم ويرحمكم قال الله تعالى (وَإِذا حُيِّيتُمْ). الآية.
فالآية الكريمة ظاهرة بحسب إطلاق الأمر في وجوب المقابلة بالأحسن أوردها بعين ما يماثلها كما إذا كانت التحية بتقديم عين من الأعيان لا بالقول واللفظ فقط. لاستحالة ردها بعينها في بعض الموارد والتحية أيضا مطلقة إطلاقا انواعيا اي نوع كان منها في جميع الأحوال والأوضاع.