إلا ما خرج بالتقييد بحسب أدلة أخرى مخيرا بين الرد بالأحسن أوردها بما يماثلها فيكون الأحسن مستحبا عينيا وواجبا تخييريا من غير فرق بين السلام وغيرها من أنواع التحيات لما ذكرنا ان السلام من الإفراد الواضحة للتحية ومن غير فرق في السلام وغيره في حال الصلاة وغيرها والمراد بالأحسن ليس ما كان بالزيادة في الحروف والألفاظ بل المراد الحسن الزائد على أصل التحية بحسب المفاد وفي إفادة الإجلال والإكرام. غاية الأمر ان لا يتجاوز الحروف والجملات عن المتعارف سيما في حال الصلاة وعلى هذا يشكل التمسك في وجوب رد السلام بما يماثله في حال الصلاة بالآية الكريمة هذا كله بحسب إطلاق الآية واما الاخبار الواردة في هذا الباب وان ورد في كيفية الجواب أن يقال (بمثل ما قيل) الا انها قاصرة في إفادة المماثلة بحسب الألفاظ والصيغة وتعارضهما بما كان ظاهرها عدم لزوم المماثلة. فيشكل إطلاق الآية بها وسنزيد توضيحا لذلك.
فان قيل لازم ما ذكرت من عموم التحية في الآية الالتزام بوجوب كل تحية قولي أو عملي ولا اختصاص بالسلام وهذا خلاف السيرة القطعية المستمرة قلت كلا فان الوجوب ليس الا مفاد الإطلاق ونلتزم بتقييد الوجوب المستفاد من الإطلاق حسب ما وجد الدليل على عدم الوجوب ولا ضير في ذلك انما الإشكال فيما لو كان الوجوب مدلول اللفظ فيلزم منه استعمال اللفظ في الوجوب والاستحباب.
فتحصل ان الآية الكريمة لا دلالة فيها على وجوب الرد بالمثل من حيث الصيغة والألفاظ في حال الصلاة بل ساكتة مطلقة من هذه الحيث وانما تأمر الآية بالرد على الإطلاق أو بأحسن منها على ما قدمنا شرحه.
وأما الاخبار في هذا الباب منها ما تدل على أن الجواب بمثل ما قيل ومنها ما تدل على أن الجواب سلام عليكم مطلقا وهي لمكان تعارضها غير صالحة لتقييد إطلاق الآية بل الآية بإطلاقها حاكمة على جواز رد السلام بكل صيغة صريحة في رد السلام فيكون مبرئة للذمة بشرط أن لا يكون خارجة عن المتعارف سيما في الصلاة والجمع الذي تكلفوه بين تلك الاخبار لا يخلو عن الخدشة بل من الممكن جدا ان يقال ان الجواب بمثل ما قيل أقل ما يجري من رد السلام وقول سلام عليكم هو الأحسن والأفضل من إفراد الواجب التخييري فان التنافس بينهما ليس بالإيجاب والسلب بل كلها من أفراد السلام ومما ينطبق على الآية غاية الأمر ان الإتيان بصيغة الجمع في مورد المفرد يدل على التشريف والتكريم ما لا يدل عليه الإتيان بلفظ الإفراد من مواهبه تعالى وعناياته الإتيان بلفظ الإفراد.
من مواهبه تعالى وعناياته ومن الانبياء لأمته الموحدين