فخارج عما نحن بصدده عن بيان الأحكام.
«فروع»
الأول : استدلوا بهذه الآية كما في كنز العرفان ان الفعل القليل لا يبطل الصلاة لأن قوله (وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ) إشارة إلى فعل علي (ع) لما تصدق على السائل بخاتمة انتهى.
أقول قد وقع الكلام في تحديد الفعل القليل الذي لا يؤثر في بطلان الصلاة والمتيقن الذي لا كلام فيه ان يكون مع قلته مشتغلا بصلاته من دون اشتغال بغيرها من أفعال الصلاة وإعطاء الخاتم للسائل كذلك سواء أشار الى السائل ان يخرجه من إصبعه أو يخرجه بنفسه المقدسة ويعطيه للسائل فلا يمكن الاستدلال بالآية في مورد الخلاف بين الفقهاء.
الثاني : تدل الآية على عدم لزوم التلفظ بالنية وانها فعل قلبي لا لساني لأنه (ص) اعطى الخاتم حسبة وتقربا الى الله وليعهد منه (ع) انه تلفظ بالنية ويتفرع على ذلك صحة نية الصوم وهو مشتغل بصلاة الليل ونية الوقوف بعرفة والمشعر وهو في حال الصلاة وهكذا ما كان من هذا القبيل وأما لو كانت النيات مشروطة بفعل خارج مثل إقران نية الحج بالتلبية فيشكل نية الحج في أثناء الصلاة.
الثالث : استدلوا بالآية على كفاية استمرار النية حكما لا عينا يعنون انه (ص) في عين اشتغاله بالصلاة وادامة نيتها قد أدى الزكاة بنية الزكاة أيضا ولا يمكن استحضار كلتا النيتين في آن واحد.
وفيه أن الاستحالة المذكورة في حقه غير معلوم.
الرابع : استدلوا بالآية على إطلاق الزكاة للصدقة المندوبة فلو كانت هي الزكاة المفروضة لوجب تقديمها على الصلاة التي هي من الواجب الموسع وفيه أولا انه من الممكن ان إطلاق الزكاة على الصدقة المندوبة من باب المجاز ومن الممكن أيضا ان يكون تأخير الزكاة إلى الحين لمصلحة لازمة ومن الممكن ان التصدق في الوقت التي ضاقت فيها وقت الفريضة أيضا.
(الآية الرابعة)
قال تعالى (إِنَّنِي أَنَا اللهُ لا إِلهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي) (طه ـ ١٤) بيان ـ الآية الكريمة من جملة خطابه تعالى لموسى بن عمران (ع) ولعل موقف هذا الخطاب عند أول ما تنبأ موسى واختاره تعالى لنبوته واصطفاه سبحانه لمناجاته وكلامه ورسالاته فقد عرف تعالى نفسه في أول كلامه في ما أوحى الى موسى بقوله (إِنَّنِي أَنَا اللهُ) فأتى في مقام التعبير عن نفسه بضمير المتكلم المتصل المؤكد بالضمير المنفصل وبالجملة الاسمية المؤكدة بأن ليكون موضوع القضية مبينا مصونا عن الالتباس والاشتباه كي يحكم عليه ويخبر عنه انه هو الله