يستقيم ان يباشر ويتولى وضوء غيره وغسله مثلا وعدم صحة النيابة عن الأحياء والأموات في الواجبات والمستحبات فعليه يكون ما ورد من أدلة الجواز والصحة تخصيصا في عموم الآية ونظير هذه الآية قوله تعالى (وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرى) (النجم ـ ٤٠ ـ ٤١).
أقول لا يخفى عدم ظهور الآية في شيء مما ذكروه أما الآية الأولى المبحوثة عنها فليست إلا في مقام الاخبار عن سنة الله الفاضلة الحكيمة وفي مقام الوعد والوعيد أن عمل العاملين المحسنين لا يهلك ولا يبطل عنده سبحانه وكذلك جرم المسيئين لا ينسى ولا يتغافل وليست في الآية دلالة على المدعى نفيا ولا إثباتا وكذلك الثانية فإنها بقرينة ذيلها «وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرى ـ الى آخر» في مقام التشويق على العمل والإنكار على الكسل والفشل فإنما ينتفع به في القيامة ويوجب رضاء الملك الديان لا ينبغي التسامح فيه والتهاون به ومن هنا يعلم ان الأدلة الدالة على جواز إتيان العمل عن الغير الأحياء والأموات وكذلك تولية عمل الغير لا مساس له بمفاد الآية الكريمة كي تكون مخصصة للآية واتضح أيضا وهن ما عن ابن عباس وعكرمة ان الآية في سورة النجم منسوخة الحكم.
ففي المجمع قال قال عكرمة ان ذلك لقوم إبراهيم وموسى واما هذه الأمة فلهم ما سعى غيرهم نيابة ومن قال انها غير منسوخة الحكم قال ان الآية تدل على منع النيابة في الطاعات الا ما قام عليه الدليل انتهى ما أردناه.
والحق ما ذكرناه في المقام ولا محصل للقول بالتخصيص ولا بالنسخ كما فصلناه.
(الآية الخامسة)
قال تعالى (وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرادَ شُكُوراً) (الفرقان ٦٢) بيان الظاهر ان الضمير في صدر الآية راجع الى الغائب من الحواس والأفكار والأوهام في عين انه ظاهر بذاته وآياته وعلاماته والمتجلي بخلقه خارجا عن الحدين حد التشبيه والتعطيل والآيات تذكرة الى العزيز القدوس الظاهر بذاته لا انها معرفات إياه سبحانه.
قوله تعالى (جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ خِلْفَةً) ـ الى آخره ـ الظاهر ان المراد من الجعل في المقام هو الجعل التشريعي لا الجعل التكويني الذي بمعنى خلق الليل والنهار لغايات طبيعية قصدها جاعلهما وخالقهما ومدبرهما بل جعل الله الليل والنهار المجعولين خلفة وهي المجعولة بنص الآية وهي مصدر مثل سبقة ونعمة بمعنى الفاعل اي خلفة يخلف كل واحد منهما صاحبا قوله تعالى (لِمَنْ أَرادَ أَنْ يَذَّكَّرَ) وهذا مفعول ثالث لجعل