أقول لعل الإشكال في نظره ان القراءة المعروفة أن يذكروا التذكر بعيد الصدق على النوافل إلا بمعونة الروايات وأنت قد عرفت ان الآية مطلقة من حيث الأسباب الموجبة للتذكر وله تعالى الحمد كما هو أهله.
قال تعالى (فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تابُوا وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ) ـ الآية ـ التوبة (٥).
بيان : الظاهر ان المراد من الأشهر الحرم هي الأشهر المذكورة في صدر السورة وهو قوله تعالى (فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ). الآية التوبة ومبدأ مدة الأمان المذكورة يوم النحر بمنى في ذي الحجة ومنتهاه عشرة مضين من الربيع الآخرة في سنة التسع من الهجرة وخلاصة القصة أن رسول الله (ص) بعث أبا بكر بسورة البراءة ليقرأها في الموسم ثم نزل عليه جبرائيل وقال انه لا يؤدي عنك الا رجل منك فعزل رسول الله (ص) أبا بكر وأمر عليا (ع) ان يأخذ السورة منه ويقرأها على الناس في الموسم فأخذها علي وقرأها على المشركين في يوم النحر وأيام التشريق واخترط سيفه وأعلن ونادى وقال لا يطوفن بالبيت عريان ولا يحجن البيت مشرك ومن كانت له مدة فهو الى مدته ومن لم يكن له مدة فمدته أربعة أشهر. القصة».
وقيل ان المراد من الأشهر هي الأشهر الحرم في لسان القرآن في قوله تعالى (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللهِ اثْنا عَشَرَ شَهْراً). (مِنْها أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ) الآية وهو رجب مفرد وذي القعدة وذي الحجة ومحرم متواليا على اختلاف في رجب وان مدة الايمان كانت خمسون يوما والا ظهر ما ذكرناه وهو المروي عن أبي جعفر وأبي عبد الله (ع) وقيل أيضا أن يوم النحر في سنة التسع من الهجرة كان في عاشر ذي القعدة بناء على السنة السيئة عند العرب من النسيء في الأشهر الحرم فنسخها وأبطلها قوله تعالى (إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيادَةٌ فِي الْكُفْرِ) الآية التوبة. وفي سنة العاشر من الهجرة حج رسول الله (ص) حجة الوداع وكان في ذي الحجة واستقر الحج على ذلك ونسخت السنة الجاهلية.
قوله تعالى (فَإِنْ تابُوا وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ). الآية استدل بهذه الآية على وجوب قتل تارك الصلاة مستحلا لتركها تقريب الاستدلال انه تعالى أمر بوضع السيف وهم مشركون مستحلون بترك الصلاة ورتب رفع السيف عنهم على أمور ثلاثة التوبة من الشرك واقامة الصلاة وإيتاء الزكاة وبديهي ان الرفع لا يتحقق الا بتحقق الأمور الثلاثة فعدم تحقق كل واحد منها كاف في حكم القتل وإيجابه وهو المطلوب أقول فيه