أقول الرواية الشريفة من أصرح ما في هذا الباب فان توبيخه (ع) عبد الملك ليس لأنه عصى الله في ترك فريضة من فرائض الله من أول عمره الى ان يموت بل عتابه ليس الا انه ترك امرا راجحا لا يليق بمثله من حملة الفقه والحديث ولذا استفسر عبد الملك بقوله كيف أصنع فأفتى (ع) بقوله صلوها جماعة ولا احتياج في تتميم الاستدلال بقوله يعني صلاة الجمعة حتى يقال ان هذه الجمعة لعلها من كلام الراوي وغير خفي عند الفقيه انه لا تعارض ولا تكاذب بين هذه الطائفة من الروايات وبين ما دل على الإيجاب المطلق بل هذه قيد لإطلاقها وشرح لإجمالها وإفادة أنها فريضة من فرائض الله أيضا فتحصل من جميع ما ذكرنا ان المستفاد من روايات الباب الحث والترغيب على صلاة الجمعة وعقدها وترجيحها على صلاة الظهر لا تقييد إطلاق أدلة صلاة الظهر بل الأدلة باقية على إطلاقها بعد ولا دليل على تقييد هذه الفريضة بما عدا يم الجمعة وله الحمد كما هو أهله.
(الآية الثانية)
قال تعالى (فَإِذا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ). الجمعة / ١٠.
قال في مرآت الأنوار ص ٢٨١ القضاء مدا وقصرا لمعان منها الحكم والحتم والبيان والفصل والموت والفراغ وقيل مرجع جميع معانيه الى انقطاع الشيء وتمامه. انتهى.
أقول الظاهر في المقام هو التمام والانتهاء واللام في قوله تعالى «الصلاة» للعموم بحسب الظهور وقال في كنز العرفان انها للعهد ومراده هي الصلاة التي وجب السعي إليها وفيه ان المورد لا يصلح ان يكون مخصصا لعموم الآية وسنزيد لذلك توضيحا فانتظر.
قوله تعالى (فَانْتَشِرُوا). الآية قال في كنز العرفان اختلف الأصوليون في الأمر الوارد عقيب النهي هل هو للوجوب أو للإباحة الرافعة للحظر واحتج أصحاب القول الثاني بهذه الآية وهي فانتشروا في الأرض فإنه أطلق لهم ما حرمه من المعاملة والانتشار ليس بواجب اتفاقا انتهى وقريب منه عبارة البيضاوي والكشاف ويقرب منه ما أفاده المولى المحقق الأردبيلي (قدسسره) الا انه قال بعد ذلك ويحتمل الوجوب في بعض الأحيان مثل الكسب للنفقة الواجبة انتهى.
أقول الحق في المقام ان الأمر ليس بعد النهي والتحريم بل بعد العبادة والفراغ منها فالفاء في قوله تعالى (فَانْتَشِرُوا) وقعت في جواب إذا والأمر بالانتشار سيما بمعونة قوله تعالى (وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللهِ) ظاهر في إفادة الحث والترغيب وإطلاق الأمر وان كان يقتضي الإيجاب الا ان انعقاد الإطلاق متوقف على استقصاء الفحص عن