قائماً حين يخطب.
قوله تعالى (قُلْ ما عِنْدَ اللهِ) الآية أمر رسول الله ان يعظهم ويذكرهم ان ما أعده الله سبحانه للذين امتثلوا أمر الصلاة مع رسوله مع الأجر العظيم والكرامة الحسنى خير من اللهو ومن التجارة التي أسرعوا إليها.
وقوله تعالى (خَيْرٌ) ليس فيه نفي التفضيل والتفاضل بين عصيانهم لله ولرسوله وبين الكرامة التي ادخرت عند الله للمحسنين المطيعين وقد انسلخ اللفظ في أمثال المقام عن معنى التفضيل والتفاضل كما في قوله تعالى «رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ / يوسف ٣٣» قال تعالى (آللهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ) النمل (٥٩) قال تعالى (أَأَرْبابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللهُ الْواحِدُ الْقَهَّارُ) (يوسف ٣٩) فلا دلالة في الآية ان في عصيانهم لله بسبب التجارة واللهو خيرا ما دون الخير المعد للمطيعين ولا محصل لان يقال ان التفاضل بين الخير المتوهم عندهم والخير الواقعي.
(الآية الرابعة)
قال تعالى (وَلا تُصَلِّ عَلى أَحَدٍ مِنْهُمْ ماتَ أَبَداً وَلا تَقُمْ عَلى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَماتُوا وَهُمْ فاسِقُونَ) ـ التوبة (٨٥).
بيان : قال في القلائد ص ٧٦ في تفسير الآية : المراد هنا صلاة الأموات ـ الى ان قال ـ وصلاة الأموات عبارة عن مجموع مركب من التكبيرات والأذكار على الوجه المنقول فالنهي متعلق بتلك الماهية انتهى.
ووجه إطلاق الصلاة على صلاة الأموات على ما يظهر من كلامه (قده) من أجل اشتمالها على الدعاء فيكون من باب تسمية الكل باسم الجزء أو ان النهي والتحريم متعلق بالدعاء لهم خاصة دون التكبيرات والأذكار السابقة على الدعاء للميت جريا على اللغة.
أقول قد ذكرنا في صدر كتاب الصلاة بيانا يحسن إيراده في المقام لمسيس الحاجة اليه وهو انه قد اشتهر وشاع ان الصلاة في اللغة بمعنى الدعاء وكان هذا هو المتسالم عندهم كما عرفت في ذيل كلام القلائد الا ان هذه الدعوى على فرض صحة نسبة ذلك الى المشهور غير مستقيم لا بد من تأويله وتوجيهه فان الدعاء والصلاة ليسا بمترادفين فالدعاء متعد بنفسه والصلاة متعد بحروف الجر وقاصر ولازم في نفسه قال في القاموس والصلاة الدعاء والرحمة والاستغفار وحسن الثناء من الله على رسوله (ص) وعبادة فيها ركوع وسجود انتهى.
أقول : الظاهر ان مراد القاموس بيان موارد الاستعمال وهو كذلك عند من تتبع موارد الاستعمال فالمتحصل والظاهر انها بمعنى التوجه والانعطاف ويتحقق بالدعاء