قال السيد فان قلت لم قال في هذه الفقرة وأوجب لي محبتك ولم يقل أحبني كما قال واقبل توبتي واعف عن سيئاتي ومن أين فهم إيجاب شرطه تعالى محبة التوابين حتى عبر بذلك قلت فهم الإيجاب عن تأكيد النسبة وتحقيق الحكم بأن المؤكدة في قوله تعالى (إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ) وكان التأكيد مؤذنا بتحقق مضمونها وموجبا للجزم بحصوله وانه واجب ثابت لا محالة انتهى ما أردناه.
وقد مضى تفسير قوله تعالى (وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ) في تفسير قوله (فِيهِ رِجالٌ) (توبة ١٠٨).
الآية التاسعة
قال تعالى (إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرامَ بَعْدَ عامِهِمْ هذا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شاءَ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) (التوبة ٢٨).
قوله تعالى (إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ) ، الحصر في طرف المحمول اي حصر صفات المشركين بكونهم نجسا لا حصر الموضوع كما في بعض الكلمات بأن لا يكون غير المشركين نجس والحصر إضافي بالنسبة إلى الطهارة.
والمراد من المشركين الوثنيون من قريش وعبدة الأصنام فلا تشمل اليهود ولا النصارى ولا غيرهما من الفرق التي ألحدوا في ذاته تعالى وفي توحيده ومعاني أسمائه جل مجده وثناؤه لا من حيث عدم صحة إطلاق المشرك على غير الوثني بل من حيث ان إطلاق الشرك على الفرق باعتبارات مختلفة وبعنايات ممتازة يشكل معها الأخذ بعموم المشرك وإطلاقه يجد هذه العنايات الباحث المتأمل في آيات القرآن قال تعالى (وَما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ).
صرح تعالى في حال ايمانهم على تحقق الشرك بلحاظ انهم يعصون ربهم ويطيعون الشيطان قال تعالى (اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَرُهْبانَهُمْ أَرْباباً مِنْ دُونِ اللهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَما أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلهاً واحِداً لا إِلهَ إِلَّا هُوَ سُبْحانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ) (توبة ٣١).
فهؤلاء الأحبار غيروا أحكام الله وحرفوها فاليهود مع علمهم انه ليس لغير الله سبحانه حق التشريع والتحليل والتحريم قبلوا منهم وأطاعوهم فيما ادعوا وشرعوا ، فاتخذوا بذلك هؤلاء الخائنين أربابا من دون الله ، فسماهم سبحانه بذلك مشركين. والنصارى وان أطلق عليهم المشرك كما في هذه الآية الا انه قد قوبل في كثير من الموارد بالمشركين وعبر عنهم وعن اليهود بأهل الكتاب قال