والمساجد كلها من أجل شمول المشركين الكتابي وفيه ان الآية لا دلالة فيها على أزيد من منع المشركين عن المسجد الحرام ولا دلالة فيها على منع الكتابي من المسجد الحرام ولا منع المشركين والكتابي عن المساجد ومستندهم في هذا الباب اما الإجماع واخبار لا تخلو من قصور في الدلالة أو ضعف في السند. في البحار ج (١٨) طبعة كمباني ص ١٢٧ عن نوادر الراوندي عن موسى بن جعفر عن آبائه قال رسول الله (ص) ليمنعن أحدكم مساجدكم يهودكم ونصاراكم وصبيانكم أو ليمسحن الله تعالى قردة وخنازير ركعا سجدا.
ولا دلالة فيه أزيد من الكراهة بقرينة ذيل الحديث من ذكر الصبيان وقد دخل وفد نجران على رسول الله (ص) وهو مسجده وصلوا فيه على ما حكي في التواريخ والتفاسير ونقل في التواريخ عن طرق العامة أيضا ان أبا سفيان دخل مسجد الرسول لتجديد عقد العهد فالنظر إلى دلالة الآية واما ما سواها فلا بحث لنا في دلالته وعدمها.
الآية العاشرة
قال تعالى (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ إِنَّما يُرِيدُ الشَّيْطانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ) (٩١).
ذكر بعض الباحثين ان الخمر في اللغة هو الخمر المتخذ من العنب وغيره من المسكرات ملحقة من حيث الحكم وبلحاظ الملاك ولحقها اسم الخمر بلحاظ غايته واشتراكها معه في الفساد.
وقال قوم ان المراد من الخمر هو مطلق المسكر المائع سواء اتخذ من العنب أو غيره من الثمار والحبوب ولكل من الطرفين أدلة ووجوه تمسكوا بها في إثبات مدعاهم والظاهر ان هذا النزاع قليل الجدوى بعد تسالمهم واعترافهم بأن المسكرات كلها قليلها وكثيرها حرام بالضرورة وليس هذا نزاعا فقهيا بل هو بحث لغوي في تعيين متعلق التحريم ومتعلق التحريم معلوم بالضرورة وهو مطلق المسكر سواء كان إطلاق الخمر عليها على نحو الحقيقة أو على بعضها بالحقيقة وعلى بعضها بالمجاز «ومن القائلين بأن الخمر هو مطلق المسكر الفيروزآبادي في القاموس قال ما ملخصه أن آية التحريم نزلت بالمدينة وليس اليوم خمرهم الا الخمر المتخذ من ـ البسر والتمر فأراقوا آنيتهم سميت بالخمر لأنها تخمر العقل ويستره انتهى». وقد