الروايات الأنصاب تفسيرها بعبادتها وفي بعضها تحريم ما ذبح عليها ومن الواضح انه لا تنافي ولا تعارض بينهما بل جميع ما ذكر من مصاديق المعنى المحرم ففي البرهان عن الكليني بإسناده عن الباقر (ع) قال لما انزل الله على رسوله (إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ) الآية قيل يا رسول الله ما الميسر؟ قال كلما تقامرت به الى ان قال قيل يا رسول الله وما الأنصاب؟ قال ما ذبحوها لآلهتهم قيل وما الأزلام؟ قال قداحهم التي كانوا يستقسمون بها. وفي بعض التفاسير انهم كانوا يعمدون الى جزور فيذبحونها ويجعلونها عشرة اجزاء وفي بعضها ثمانية وعشرين جزءا ويستقسمونها بالاقداح وكانت الأقداح عشرة ، سبعة لها نصيب وثلاثة لا نصيب لها ولكل واحد منها اسم خاص فيجيلون السهام حتى يخرج جميعها فيغرمون الثمن على التي لا نصيب لها فالأول لها نصيب واحد وللثاني اثنان وللثالث ثلاثة وللرابع أربعة وللخامس خمسة وللسادس ستة وللسابع سبعة فأنزل الله تحريمها في القرآن وهو من القمار الحرام ويحرم أكلها وجميع التصرفات والتقلبات فيها قال تعالى (وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلامِ ذلِكُمْ فِسْقٌ) (المائدة / ٣) فتحصل ان الميسر والأزلام في عداد الخمر وعبادة الأصنام محرم بنص محكم الكتاب فهو من حيث الوضع الاجتماعي وبلحاظ التكسب والارتزاق آكل لأموال الناس بلا عوض عقلاني وبلا عوض مشروع.
الآية الحادية عشرة
قال تعالى (يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ قُمْ فَأَنْذِرْ وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ) ـ ذكر بعض المفسرين ان المراد من الطهارة هي الطهارة الشرعية اي إزالة النجاسة بالماء واستدلوا على ذلك بوجوه :
الأول : ان الأمر حقيقة في الوجوب ولا يجب شيء من الطهارة في اللباس إلا الطهارة لأجل الصلاة فوجوب تطهير الثياب أصدق شاهد وأدل امارة ان المراد هو التطهير من النجاسات.
الثاني : ان قوله تعالى (فَكَبِّرْ) المراد منه هو تكبيرة الإحرام والافتتاح فهذا قرينة ان المراد من تطهير الثياب هو تطهيرها من النجاسات لأجل الصلاة
الثالث : ان الأمر لرسول الله (ص) في مقابل المشركين وفي مقابل ما كان دائرا عندهم انهم لا يطهرون ثيابهم من النجاسات
الرابع : ان قوله تعالى (وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ) كما سيأتي إن شاء الله تعالى ان المراد من الرجز القذارة فيجب بمقتضى الأمر إزالة النجاسة فهذه الجملة عطف تفسير على الجملة الأولى.
الخامس : يمكن ان يستدل عليه أيضا بأن الأمر وان لم يكن حقيقة في الوجوب لغة الا انه يفيد الوجوب من ناحية الإطلاق والطهارة أيضا وان كان بمعنى النظافة الا ان النظافة الواجبة منحصرة في إزالة النجاسة عنها لأجل الصلاة فالمحصل