الظالم بالصغيرة التائب منها قول بلا دليل واقتراح محض الا بالتخصيص بدليل منفصل آخر. واما إذا لم تكن الصفة في الموضوع منوعا إياه ولا نوع في الموضوع كما في القضايا الشخصية الخارجية مثل قولنا أعط من في الدار مصليا دينارا وليس في الدار الا فرد واحد أو أفراد معدودة وليس للفرد أو الإفراد الا حالة واحدة فلا محالة ينتفي الحكم بانتفاء الوصف.
فتبين أن ما ذكره الجصاص والرازي غفلة وخلط بين القضايا الحقيقية والخارجية وأما ما تشبث به في النقض بأمثلة جزئية منها أن الكافر إذا تاب عن كفره لا يسمى كافرا والفاسق إذا تاب عن فسقه لا يسمى فاسقا فيرد عليه ان الحكم لا يترتب على التسمية والصدق وانما إنشاء على فرض التلبس وقد تلبس وصار الحكم فعليا ويشمله القضاء الإلهي بالحرمان بالنيل ، العهد.
ومنها التشبث بقوله تعالى (وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ) هود ١١٣ وفيه أن الركون هو السكون اليه والمحبة له والاتصال اليه ونقيضه النفور ذكره في المجمع ج ٥ ص ١٩٩ فالركون الى الظالمين حرام باستقلال من العقل والنهي إرشاد وتذكرة الى ما يدركه الإنسان بعقله والأمر والنهي الإرشادي لا إطلاق فيها ولا تقييد وانما يدور مدار المرشد اليه.
ومنها التشبث بقوله تعالى (ما عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ) التوبة ـ ٩١ فهذه الآية نزلت في شأن اولي الاعذار الذين رخص الله تعالى لهم في ترك الخروج الى الجهاد مع رسول الله (ص) والظاهر ان هذا كان في غزوة تبوك.
قال تعالى (لَيْسَ عَلَى الضُّعَفاءِ وَلا عَلَى الْمَرْضى وَلا عَلَى الَّذِينَ لا يَجِدُونَ ما يُنْفِقُونَ حَرَجٌ إِذا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ ما عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ وَلا عَلَى الَّذِينَ إِذا ما أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لا أَجِدُ ما أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَناً أَلَّا يَجِدُوا ما يُنْفِقُونَ إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ وَهُمْ أَغْنِياءُ رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوالِفِ) الآية التوبة (٩٣).
أقول الآية الكريمة لا تختص بمورد نزولها بل هي عامة وشاملة لكل ما يمكن مصداقا لها ومنطبقا عليها الا انها مخصصة ومقيدة بجميع الأدلة الدالة على إثبات السبيل والضمان في الخسارات الواردة على نفوس الناس واعراضهم وأموالهم واستثنى تعالى المحسنين في الجملة لا على الإطلاق بل شرط بشرائط خاصة في موارد خاصة وتفصيل ذلك موكول على عهدة الفقيه وحيث ان هذه الآية مخصصة من