من ذلك وفي ما ذكرنا ما يفيد المفاد الآية كفاية لاولي الأبصار.
فقد تحصل في المقام ان المجعول بجعله تعالى هو الامام ومعناه تصريح أهل اللغة المؤتم به فيدور الأمر بين ان يقال ان المجعول بجعله تعالى بعنوانه الاولي هو حيث الايتمام به في ما يأمر وينهى ويترك ويلقي ويتصرف في جميع شئون حياة الاجتماع وهذا منصب الهي ملكه تعالى لوليه وصفية ويكون افتراض طاعته ووجوب الايتمام من باب وجوب طاعة من له الأمر والنهي من قبله تعالى وهذا هو معنى الخلافة الإلهية أو يقال ان المجعول بالعنوان الاولي هو افتراض الطاعة في ما يأمر وينهى فالأقرب الألصق بلفظ الامام هو الأول والأوفق الأنسب بظواهر الأدلة من الآيات والروايات هو المعنى الثاني والذي يسهل الأمر ان مرجع كلا الأمرين عند التحليل إلى أمر واحد ويزيد لذلك وضوحا في طي الأبحاث أنشأ هذا تمام الكلام في تفسير الآية الكريمة وفي معنى امامة إبراهيم عليهالسلام اما الكلام في إمامة سيدنا رسول الله صلىاللهعليهوآله وقد بسطنا القول سابقا ان وجوب طاعته (ص) في ما يدعو اليه الناس من المعارف الحقة الإلهية وينالونها ويعرفونها بحقائق الايمان والعيان انما هو من وجوب الايمان بالحق ومن باب التسليم لما عرف وعلم واجبا ببداهة العقل لا سبيل إلى إعمال المولوية فيها وكذلك وجوب طاعته في ما يتلقيه عن الله سبحانه من أحكامه وعزائمه وفرائضه ليس الا من باب امتثال امره ومن مصاديقه الواضحة ومن المستقلات العقلية فلا يناله يد الجعل التشريعي فلا محالة فينحصر وجوب طاعته (ص) بالموارد التي لو لا جعله تعالى لما كان واجبا ويكون المراد من إيجاب الطاعة هو الوجوب الموضوعي بالنسبة إلى افتراض الله طاعته (ص) على الناس في كل ما يأمر وينهى.
الآية الأولى
قال تعالى (ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا) الحشر ـ ٧.
بيان ـ قوله تعالى (آتاكُمُ) فعل ماضي من باب الأفعال والمصدر منه الإيتاء وقد استعمل في كثير من الموارد بمعنى الإعطاء كما في قوله تعالى (وَأَوْحَيْنا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْراتِ وَإِقامَ الصَّلاةِ وَإِيتاءَ الزَّكاةِ) الآية الأنبياء ـ ٧٣ الا ان المقابلة بين قوله آتى وبين قوله نهى لا يلائم الإعطاء ولو كان هو الإعطاء لكان الأوفق بالمقام ان يقال وما منعكم أو أوردكم ونظائره من العبارات فلا تخالفوه.
قال الرازي في تفسيره ج ٢٩ ص ٢٨٦ والأجود أن تكون هذه الآية عامة في كل ما أتى رسول الله (ص) ونهى عنه وأمر الفيء داخل في عمومه انتهى.
أقول ونظيره عبارة الكشاف وقال في المجمع ج ١٠ ص ٢٦١ اي أعطاكم الرسول فخذوه وارضوا به وما أمركم فافعلوه وما نهاكم عنه فإنه لا يأمر ولا ينهى الا عن أمر