الله وهذا عام في كل ما أمر ونهى (ص) انتهى.
وفي الجوامع ص ٤٨٧ قال (ما آتاكُمُ الرَّسُولُ) من قسمة غنيمة أو فيء (فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ) من أخذه منها (فَانْتَهُوا) عنه (وَاتَّقُوا اللهَ) ان تخالفوه (إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ) لمن خالف رسوله والاولى ان يكون عاما في كل ما أمر رسول الله ونهى عنه ولهذا قسم عليهالسلام أموال خيبر ومن عليهم في رقابهم وأجلي بني النضير وبني قينقاع واعطى لهم شيئا من المال وقتل رجال بني قريظة وسبى ذراريهم ونسائهم وقسم أموالهم على المهاجرين خاصة ومن على أهل مكة فأطلقهم انتهى.
وقريب منه عبارة بعض المفسرين ولم أجد في كلام المفسرين وجها شافيا في تفسيرهم قوله تعالى (ما آتاكُمُ) الآية أمره (ص) وتقسيمه الغنيمة والفيء ولا شاهد لهم على ذلك وواضح ان قوله تعالى (وَما أَفاءَ اللهُ) الآية ليست نازلة في شأن الغنائم وانما نزلت في شأن الأنفال ولا ريب ان مصرف الأنفال والذي أفاء الله على رسوله غير مصرف الغنائم وليس في المقام ذكر من الغنائم وكيفية تقسيمها وقوله تعالى (ما آتاكُمُ الرَّسُولُ) الآية جملة مستقلة معطوفة على قوله تعالى (ما أَفاءَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ) وكلا من المعطوف والمعطوف عليه جملة مستقلة في مفادها وفي تقسيم الغنائم مفوض على رسول الله أولا فعلى هذا تنحصر القرينة في تفسير (ما آتاكُمُ الرَّسُولُ) بأمر رسول الله هي المقابلة بين قوله (ما آتاكُمُ) وبين قوله (ما نَهاكُمْ) فالظاهر ان المراد في قوله تعالى (وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ) جميع ما سن وقرر رسول الله صلىاللهعليهوآله من الأمور المثبتة في مقابل المنهية سواء كانت سنة في فريضة أو أمر راجع ذو فضيلة والقرينة على ذلك هو قوله تعالى (وَما نَهاكُمْ) ولعل الوجه في إطلاق الإيتاء على هذه السنن القيمة أنها خير وفضيلة تفضل الله بها سبحانه على عباده بوساطة الرسول الأكرم والآية الكريمة ليس فيها شيء من التأسيس والتشريع وأنما هي إرشاد وتذكرة الى وجوب التسليم والتدين بما سنه (ص) وإمضاء وتقرير لما أمر به وقرره بأمر ربه واذنه وفي الروايات المأثورة عن أئمة أهل البيت في تفسير الآية دلالات على ما ذكرناه من البيان.
في الكافي ج ١ ص ٢٠٨ عن علي ابن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن عمر بن أذينة عن فضل بن يسار قال سمعت أبا عبد الله (ع) يقول لبعض أصحاب قيس الماصر ان الله عزوجل أدب نبيه فأحسن أدبه فلما أكمل له الأدب قال (إِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ثم فوض إليه أمر الدين والأمة ليسوس عباده فقال (ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا) وان رسول الله صلى عليه وآله كان مسددا موفقا مؤيدا بروح القدس ولا يزل ولا يخطئ في شيء مما يسوس به الخلق فتأدب بآداب