والآية الكريمة صريحة ان إرساله تعالى رسله وخاصة سيدنا رسول الله صلىاللهعليهوآله انما هو لأجل أن يطيعه الناس ويطيعوه واللام في قوله تعالى (لِيُطاعَ) تعليل تشريعي اي ان هذه الطاعة للرسل من الغايات الحكيمة الحميدة لإرسال الرسل.
وقوله تعالى (بِإِذْنِ اللهِ) متعلق بقوله (لِيُطاعَ) ومعناه ان وجوب الطاعة بإذن الله اي تشريعه وإيجابه تعالى وهذا إبطال لشبهة المبطلين على ما قيل ان محمد يريد ان يطيعه الناس ويتبعوه مثل اتباع النصارى المسيح من دون الله تعالى فأزاح الشبهة ان هذه الطاعة بتشريع الله وإيجابه والطاعة لرسول الله عين التوحيد في الطاعة فمن يطع الرسول فقد أطاع الله في ما افترض من طاعة رسوله ويمكن ان يقال ان المراد من الاذن تخلية السبيل بين المكلفين وبين طاعة الرسول وسنشير في ذيل البحث الى ضعف هذا الوجه.
قد قيل كانت مخاصمة بين يهودي ومنافق فقال اليهودي نتحاكم الى محمد (ص) لأنه يعلم انه (ص) لا يجور في الحكم ولا يقبل الرشوة في القضاء فأبى ذلك المنافق فقال نتحاكم الى كعب ابن الأشرف لأن المنافق يعلم انه يقبل الرشوة في القضاء وقيل غير ذلك والأمر فيه سهل لعدم احتياج تفسير الآية إلى تعيين شأن النزول والظاهر من الآيات ان المعرضين عن رسول الله كانوا عدة من المنافقين.
إذا تقرر ذلك فنقول هل الآية الكريمة مسوقة للإرشاد إلى وجوب طاعته تعالى وأن الوجوب المستفاد من الآية وجوب طريقي بمعنى أن وجوب طاعة الرسول ليست إلا لأجل أنه مبلغ عن الله تعالى فيجب طاعته توصلا الى طاعته تعالى قال في الجوامع ص ٨٩ الا ليطاع بإذن الله اي بسبب أذن الله في طاعته ويأمر المبعوث إليهم أن يطيعوه ويتبعوه لأنه مؤد عن الله وطاعته طاعة الله ومعصيته معصية الله انتهى.
أو ان الظاهر في الآية الكريمة هو إيجاب طاعة الرسول وتشريعها بالوجوب المولوي الظاهر هو الثاني بداهة ان سياق الآية الكريمة ليس سياق الإرشاد بل الآيات واضحة الدلالة أنها نازلة في شأن عدة من المنافقين وناظرة إلى إعراضهم عن التحاكم الى رسول الله (ص) بل يريدون (أَنْ يَتَحاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ) وهذا التوبيخ والعتاب على تلك السيئة ، ومن المعلوم أن حكم الحاكم في مورد التنازع في الموضوعات حجة شرعية مجعولة لرفع التنازع وفصل الخصومات وهذه الآية نظيرة قوله تعالى (إِنَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِما أَراكَ اللهُ وَلا تَكُنْ لِلْخائِنِينَ خَصِيماً) (النساء ـ آية ١٠٥).