أورث بني إسرائيل ديار القبط وأموالهم ، وأنزلهم فيها ، ومنها : ما تركها كذلك خالية بعد ما أهلك أهلها وخربها وتركها كذلك.
وقوله : (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً) أي : في هلاك من ذكر لآية ولعبرة يعتبرون.
(وَأَنْجَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكانُوا يَتَّقُونَ) مخالفة الله ، ومخالفة أمره ونهيه.
قوله تعالى : (وَلُوطاً إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفاحِشَةَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ (٥٤) أَإِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّساءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ (٥٥) فَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَنْ قالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُناسٌ يَتَطَهَّرُونَ (٥٦) فَأَنْجَيْناهُ وَأَهْلَهُ إِلاَّ امْرَأَتَهُ قَدَّرْناها مِنَ الْغابِرِينَ (٥٧) وَأَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ مَطَراً فَساءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ) (٥٨)
وقوله : (وَلُوطاً إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ) : كأن فيه إضمارا كأنه قال : أرسلنا لوطا إلى قومه.
(إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفاحِشَةَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ) أي : أتاتون الفاحشة وأنتم تبصرون ، وتعلمون أنها فاحشة.
(أَإِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجالَ شَهْوَةً) أي : اشتهاء لكم (مِنْ دُونِ النِّساءِ) : يقول : تأتون الذكور وتدعون النساء ، وهو ما قال في آية أخرى : (أَتَأْتُونَ الذُّكْرانَ مِنَ الْعالَمِينَ ...) الآية [الشعراء : ١٦٥].
وقوله : (بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ) : قال بعضهم : ولكن أنتم قوم تجهلون ، أي : تجهلون الأمر فتعصون.
ويشبه أن هذا جواب قول كان من قومه نحو ما قالوا : (لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يا لُوطُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمُخْرَجِينَ) [الشعراء : ١٦٧] ، فقال عند ذلك : (بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ) ما تقولون ، أي : على جهل ما تقولون ذلك ، أو كلام نحوه ، والله أعلم.
وقوله : (فَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ).
قوله : (فَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ) في وقت إلا أن قالوا كذا ، لا في الأوقات كلها ؛ لأنه قد كان منهم قول وجوابات نحو ما قالوا : (ائْتِنا بِعَذابِ اللهِ ...) الآية [العنكبوت : ٢٩] ونحوه ، وقولهم : (إِنَّهُمْ أُناسٌ يَتَطَهَّرُونَ) ؛ دل هذا منهم أنهم قد علموا أن ما يأتون ويعملون أنه خبيث وفحش ومنكر حيث قالوا : (إِنَّهُمْ أُناسٌ يَتَطَهَّرُونَ).
ثم يحتمل قولهم هذا وجوها :
أحدها : أنهم قالوا ذلك استهزاء منهم بهم.
والثاني : قالوا : (أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ) ؛ فإنهم يستقذرون أعمالنا وأفعالنا.
والثالث : على التحقيق (إِنَّهُمْ أُناسٌ يَتَطَهَّرُونَ).