أو أن يكون : فما كان جواب قومه إلا أن قالوا : اقتلوه أو حرقوه.
وإلا لم يحتمل ألا يكون منهم إلا ما ذكر من الجواب قد كان جوابات وأجوبة سواء.
لكن يحتمل ما ذكرنا : أن ما كان جواب قومه في مشهد إلا أن قالوا : اقتلوه أو حرقوه.
أو ما كان آخر جواب قومه إلا قالوا : اقتلوه أو حرقوه ، وهو ما ذكرنا في قوله : (فَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قالُوا ائْتِنا بِعَذابِ اللهِ) [العنكبوت : ٢٩] لا يحتمل أنه لم يكن منهم إلا هذا ولكن ما ذكرنا ، والله أعلم.
وقوله : (فَأَنْجاهُ اللهُ مِنَ النَّارِ) : حين ألقوه فيها ، (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) : ذكر الآيات في ذلك ، فجائز أن يكون ما ذكر في هذه السورة من أولها إلى آخرها ـ لآيات لمن ذكر.
وجائز أن يكون فيما ذكر هنا خاصة ، لكن ليس من شيء إلا وفيه آيات من وجوه : آية الوحدانية ، وآية الألوهية ، وآية علمه وحكمته وتدبيره وبعثه ؛ فهو آيات.
وقوله : (لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) ذكر الآيات للمؤمنين يحتمل وجهين :
أحدهما : ذكر الآيات لهم ؛ لأنهم هم المنتفعون بها دون من كفر.
والثاني : الآيات لهم على المكذبين بها والكافرين ، أي : حجة لهم عليهم ؛ كقوله : (وَتِلْكَ حُجَّتُنا آتَيْناها إِبْراهِيمَ عَلى قَوْمِهِ) [الأنعام : ٨٣] ، والله أعلم.
وقوله : (فَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قالُوا) كذا هو صلة قصة إبراهيم وإليه يرجع ، وهو ما تقدم من دعائه إياهم حيث قال : (وَإِبْراهِيمَ إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ اعْبُدُوا اللهَ ...) الآية [العنكبوت : ١٦].
وقوله : (وَقالَ إِنَّمَا اتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِ اللهِ أَوْثاناً) يقول ـ والله أعلم ـ : ما اتخذتم من دون الله معبودات سميتموها : آلهة ، فهي ليست بآلهة ولا معبود ، إنما هي أوثان (مَوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) ، يقول ـ والله أعلم : هذه الأصنام معبودات واجتماعكم عليها إنما هي مودة حياة الدنيا ، لا مودة لها عاقبة أو تدوم ، بل تصير في العاقبة عداوة وبغضا ، وهو ما ذكر. (ثُمَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضاً) ، قال بعضهم : يتبرأ بعضهم من بعض ، ويكفر بعضهم ببعض ، ويلعن بعضهم بعضا ؛ كقوله : (الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ) [الزخرف : ٦٧].
وقال بعضهم : يتبرأ المتبوع من الأتباع ؛ كقوله : (رَبَّنا هؤُلاءِ أَضَلُّونا فَآتِهِمْ عَذاباً ضِعْفاً مِنَ النَّارِ) [الأعراف : ٣٨] ، وقوله : (سَيَكْفُرُونَ بِعِبادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا) [مريم : ٨٢] ونحوه.
ثم أخبر : أن مأوى الكل النار ، وما لهم من ناصر ينصرهم من عذاب الله ، أو يدفع