أحدهما : يقول : ذكر الله أكبر مما سواه من أعمال البر.
والآخر (١) : يقول : ذكر الله إياكم أكبر من ذكركم إياه.
والضحاك يقول : العبد يذكر الله عند ما أحل له وحرم عليه ، فيأخذ بما أحل ويجتنب ما حرم عليه.
وقتادة يقول : لا شيء أكبر من ذكر الله (٢).
وأصله ما ذكرنا من الوجوه التي تقدم ذكرها.
وقوله : (إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ) قال بعضهم : تنهى وتمنع ما دام فيها لا يعمل بالفحشاء والمنكر.
والثاني : أن الصلاة تأمر بالمعروف وتنهى عن الفحشاء والمنكر ؛ أي : لو كانت لها النطق والأمر والنهي لكانت تنهى عما ذكر.
والوجه فيه ما ذكرنا بدءا ، والله أعلم.
وقوله : (وَاللهُ يَعْلَمُ ما تَصْنَعُونَ) وعيد ؛ ليكونوا أبدا على حذر ويقظة.
قوله تعالى : (وَلا تُجادِلُوا أَهْلَ الْكِتابِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلاَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلهُنا وَإِلهُكُمْ واحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (٤٦) وَكَذلِكَ أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ فَالَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمِنْ هؤُلاءِ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ وَما يَجْحَدُ بِآياتِنا إِلاَّ الْكافِرُونَ (٤٧) وَما كُنْتَ تَتْلُوا مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لارْتابَ الْمُبْطِلُونَ (٤٨) بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَما يَجْحَدُ بِآياتِنا إِلاَّ الظَّالِمُونَ)(٤٩)
وقوله : (وَلا تُجادِلُوا أَهْلَ الْكِتابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ) الآية تخرج على وجوه ثلاثة :
أحدها : (وَلا تُجادِلُوا أَهْلَ الْكِتابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) إلا الذين ظلموا منهم فلا تجادلوهم بالتي هي أحسن ولا غيره ، وهم الذين لا يقبلون الحجة ، ولا يؤمنون إذا لزمتهم الحجة ، وهم أهل عناد ومكابرة ، والأوّلون يقبلون الحجة ، ويؤمنون بها.
والثاني : (وَلا تُجادِلُوا أَهْلَ الْكِتابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) ؛ فقوله : (إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ) ليس على الثنيا من الأوّل ، ولكن على الابتداء ؛ كأنه قال : (إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ) قولوا : (آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنا ...) إلى آخر ما ذكر ؛ أي : قولوا لهم هذا ، ولا
__________________
(١) أخرجه ابن جرير (٢٧٧٨٩ ـ ٢٧٧٩٤) ، و (٢٧٧٩٧) و (٢٧٧٩٩) و (٢٧٨٠٥) ، والفريابي وسعيد بن منصور وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه والبيهقي في شعب الإيمان من طرق عنه.
(٢) أخرجه ابن جرير (٢٧٨١٠) ، وعبد بن حميد ، كما في الدر المنثور (٥ / ٢٨١).