إنما يصيحون لحاجة أهلها ؛ فيذكر أنكم إذا أمرتم بالمعروف ونهيتم عن المنكر لا تفعلوا لمنفعة أنفسكم أو لحاجتكم ؛ ولكن قوموا لله في ذلك أو لما ذكرنا.
أو خصّ صوت الحمير ؛ لأنه ليس من صوت إلا وفيه لذة ومعونة ، غير صوت الحمير ؛ فإنه ليس فيه لذة ولا منفعة.
أو ذكر ؛ لما قيل : إن أوله زفير وآخره شهيق ؛ فيشبه زفير أهل النار وشهيقهم.
وقوله : (إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتالٍ فَخُورٍ).
قال : المختال : المتكبر البطر.
وقال بعضهم : المختال : الخداع الغدار ، والفخور : يحتمل الذي يفتخر بكثرة المال ؛ أو لما لا يرى أحدا شكلا لنفسه.
قوله تعالى : (أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللهَ سَخَّرَ لَكُمْ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظاهِرَةً وَباطِنَةً وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلا هُدىً وَلا كِتابٍ مُنِيرٍ (٢٠) وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا ما أَنْزَلَ اللهُ قالُوا بَلْ نَتَّبِعُ ما وَجَدْنا عَلَيْهِ آباءَنا أَوَلَوْ كانَ الشَّيْطانُ يَدْعُوهُمْ إِلى عَذابِ السَّعِيرِ (٢١) وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى وَإِلَى اللهِ عاقِبَةُ الْأُمُورِ (٢٢) وَمَنْ كَفَرَ فَلا يَحْزُنْكَ كُفْرُهُ إِلَيْنا مَرْجِعُهُمْ فَنُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ (٢٣) نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلاً ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ إِلى عَذابٍ غَلِيظٍ)(٢٤)
وقوله : (أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللهَ سَخَّرَ لَكُمْ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ).
قوله : (أَلَمْ تَرَوْا) : قد ذكرنا أنه يخرج على وجهين :
أحدهما : على الخبر : أن قد رأوا وعلموا أنه سخر لهم ما ذكر.
والثاني : على الأمر ، أي : انظروا وروا : أنه سخر لكم ما في السموات وما في الأرض ؛ لينتفعوا بجميع ما يحتاجون إليه ، ويصلوا إلى مرادهم وحاجتهم وإلى قضاء وطرهم كيف شاءوا بما شاءوا.
أو أن يذكر قدرته وسلطانه : أن من ملك تسخير ما ذكر لنا ومكنا وأقدرنا على تدبير استعمال ما سخر لنا والانتفاع به ـ لقادر على البعث والإحياء بعد الموت ، وأنه لا يعجزه شيء.
أو أن يذكر حكمته وعلمه : أن مثل هذا التسخير لا يكون إلا بحكمته ، ولو لم يكن هنالك بعث وعاقبة ، لكان خلق الخلق وتسخير ما ذكر لعبا باطلا ، على ما ذكرنا في غير موضع.
وقوله : (ما فِي السَّماواتِ) : المسخر ما في السموات يحتمل : المطر والسحاب