من الذين كانوا يتوارثون.
وقال بعضهم : (فِي الْكِتابِ) ، أي : في التوراة مكتوبا : أن يصنع بنو إسرائيل إلى بني لؤي بن يعقوب معروفا ؛ ليعود الغني على الفقير ، والله أعلم.
قوله تعالى : (وَإِذْ أَخَذْنا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْراهِيمَ وَمُوسى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنا مِنْهُمْ مِيثاقاً غَلِيظاً (٧) لِيَسْئَلَ الصَّادِقِينَ عَنْ صِدْقِهِمْ وَأَعَدَّ لِلْكافِرِينَ عَذاباً أَلِيماً)(٨)
وقوله : (وَإِذْ أَخَذْنا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْراهِيمَ وَمُوسى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنا مِنْهُمْ مِيثاقاً غَلِيظاً).
قال بعضهم : خصّ هؤلاء ؛ لأن أهل الشرع من الرسل هم هؤلاء ؛ كقوله : (شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ ما وَصَّى بِهِ نُوحاً ...) الآية [الشورى : ١٣] ، لكنه قد ذكر في آية أخرى ما يدل أن غير هؤلاء كان لهم أيضا شرع ؛ كقوله : (إِنَّا أَوْحَيْنا إِلَيْكَ كَما أَوْحَيْنا إِلى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ ...) الآية [النساء : ١٦٣].
وجائز أن يكون تخصيص هؤلاء بأخذ الميثاق ؛ لأنهم هم أولو العزم من الرسل ؛ حيث قال : (فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ) أو يكون لا على تخصيص لمن ذكر ؛ ولكن على إرادة الكل ، والله أعلم.
ثم اختلف في أخذ الميثاق :
قال بعضهم : أخذ ميثاقهم على أن يبشر بعضهم ببعض : يبشر نوح بإبراهيم ، وإبراهيم بموسى ، وموسى بعيسى ، وعيسى بمحمد ، عليهم الصلاة والسلام.
وقال بعضهم (١) : أخذ ميثاقهم ؛ ليصدّق بعضهم بعضا ، وأن يدعوا إلى عبادة الله ، وأن ينصحوا لقومهم.
وجائز أن يكون ما ذكر من أخذ الميثاق منهم لما ذكر على أثره : (لِيَسْئَلَ الصَّادِقِينَ عَنْ صِدْقِهِمْ) : أخذ منهم الميثاق في تبليغ الرسالة إلى قومهم ؛ ليسألهم عن صدقهم أنهم قد بلغوا.
(وَأَخَذْنا مِنْهُمْ مِيثاقاً غَلِيظاً).
لأن تبليغ الرسالة إلى الفراعنة منهم وأعداء الله صعب شديد ، مخاطرة ، فيه هلاك النفس وفوات الروح ، وهو ما قال : (يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ ...) الآية [المائدة : ٦٧].
وقوله : (لِيَسْئَلَ الصَّادِقِينَ عَنْ صِدْقِهِمْ).
__________________
(١) قاله قتادة ، أخرجه ابن جرير (٢٨٣٥٢) ، وابن أبي حاتم عنه ، كما في الدر المنثور (٤ / ٣٥٢).