وقوله : (وَاذْكُرْنَ ما يُتْلى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آياتِ اللهِ وَالْحِكْمَةِ) هذا يحتمل وجهين :
أحدهما : قوله : (وَاذْكُرْنَ) أي : اتلون ما يتلى في بيوتكن من آيات الله والحكمة ، وجعل بيوتكن موضعا لنزول الوحي.
والثاني : اذكرن على حقيقة الذكر ؛ أي : اذكرن ما منّ الله عليكن ، وجعلكن من أهل بيت يتلى فيه آيات الله والحكمة ، وجعل بيوتكن موضعا لنزول الوحي فيها ، وخصكن بذلك ، ما لم يجعل في بيت أحد ذلك ، يذكرهن عظيم ما أنعم ومنّ عليهن ؛ ليتأدّى به شكره ؛ ليعرفن منن الله ونعمه عليهن.
وقوله : (مِنْ آياتِ اللهِ) يحتمل آيات القرآن.
ويحتمل حججه وبراهينه.
والحكمة : قالت الفلاسفة : الحكيم : هو الذي يجمع العلم والعمل جميعا.
وقال بعضهم : الحكيم : المصيب ، والحكمة : هي الإصابة.
وقيل : هي وضع الشيء موضعه ، وهي نقيض السفه.
وأصل الحكمة في الحقيقة كأنه هي الإصابة في كل شيء ، والحكيم : هو الذي لا يلحقه الخطأ في الحكم ولا الغلط.
وقال بعضهم (١) : الحكمة ـ هاهنا ـ هي السنة.
وقوله : (إِنَّ اللهَ كانَ لَطِيفاً خَبِيراً) اللطيف : هو البارّ ؛ يقال : فلان لطيف : إذا كان بارّا.
والثاني : اللطيف : هو الذي يستخرج الأشياء الخفية الكامنة مما لا يتوهمها العقول استخراجها من مثلها.
قوله تعالى : (إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِماتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ وَالْقانِتِينَ وَالْقانِتاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِراتِ وَالْخاشِعِينَ وَالْخاشِعاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِماتِ وَالْحافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحافِظاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللهَ كَثِيراً وَالذَّاكِراتِ أَعَدَّ اللهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً)(٣٥)
وقوله : (إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِماتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ ...) إلى آخر ما ذكر.
إن أم سلمة زوج النبي صلىاللهعليهوسلم وامرأة يقال لها : نسيبة بنت كعب ، أتيا رسول الله صلىاللهعليهوسلم
__________________
(١) قاله قتادة ، أخرجه ابن جرير (٢٨٥٠٤) ، وعبد الرزاق وابن سعد ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم عنه ، كما في الدر المنثور (٥ / ٣٧٩).