وقوله : (ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَ) ، يحتمل المماسة : الجماع ، أي : من قبل أن تجامعوهن.
ويحتمل : من قبل أن تدخلوا بهن المكان الذي تماسّونهن ؛ وإلا لو دخل بها المكان الذي يماسها ، ثم طلقها يجب كمال الصداق ، وإذا لم يجامعها ، ولم يدخل المكان الذي يماسها حتى طلقها ـ وجب نصف الصداق ؛ ويدل على ذلك قول الله حيث قال : (وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضى بَعْضُكُمْ إِلى بَعْضٍ) [النساء : ٢١] ، والإفضاء ليس هو الجماع نفسه ؛ ولكن الدنو منها والمسّ باليد أو شبهه ، والله أعلم.
وقوله : (فَما لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَها).
هذا يدل على أن العدة من حق الزوج عليها ؛ حيث قال : (فَما لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَها) ، ولا يجوز له أن يجمع بين أختين فيما له من حق ؛ فعلى ذلك ليس له أن يجمع بين الأختين في حق العدة التي له قبلها ، والله أعلم.
وقوله : (فَمَتِّعُوهُنَ).
قال بعضهم (١) : هذه المتعة منسوخة بالآية التي ذكر في سورة البقرة ؛ حيث قال : (وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ ما فَرَضْتُمْ) [٢٣٧].
وقال بعضهم : هي التي وهبت نفسها بغير صداق ، فإن لم يجب الصداق وجب المتعة.
وعندنا : إن كان سمى لها صداقا ، فليس لها إلا نصف الصداق ، ولا يجب عليه المتعة وجوب حكم ، لكن إن فعل ومتعها فهو أفضل وأحسن ، وإن كان لم يفرض لها صداقا حتى طلقها قبل الدخول بها ؛ فهي واجبة على قدر عسره ويسره ، والله أعلم.
وقوله : (وَسَرِّحُوهُنَّ سَراحاً جَمِيلاً).
قال بعضهم : السراح الجميل : هو أن يمتعها إذا سرحها.
وقال بعضهم : السراح الجميل : هو أن يبذل لها الصداق.
وقال بعضهم : السراح الجميل : هو أن يقول : لا تؤذوهن بألسنتكم إذا سرحتموهن ، والله أعلم.
وقوله : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنا لَكَ أَزْواجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَ).
__________________
(١) قاله ابن عمر ، أخرجه ابن مردويه عنه ، كما في الدر المنثور (٥ / ٣٩١) ، وهو قول سعيد بن المسيب.