المنافقون ، (وَالْمُرْجِفُونَ) : ليسوا بمنافقين ؛ ولكنهم قوم كانوا يحبون أن يفشوا الأخبار ، ويقال : الإرجاف : هو تشييع الخبر.
وجائز أن يكون المنافق هو الذي كان مع الكفرة في السر حقيقة ، والذي في قلبه مرض : هو الذي في قلبه ريب واضطراب ، لم يكن مع الكفرة لا سرّا ولا ظاهرا ، والذي بين الكافر والمنافق.
وقوله : (سُنَّةَ اللهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ).
قال بعضهم : سنة الله في الأمم السالفة الإهلاك من الكفار.
وجائز أن يكون قوله : (سُنَّةَ اللهِ) في أهل النفاق من الأمم السالفة ـ ما ذكر في هؤلاء.
وقال مقاتل : (فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ) : أهل بدر حين أسروا وقتلوا ، والله أعلم.
قوله تعالى : (يَسْئَلُكَ النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ اللهِ وَما يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيباً (٦٣) إِنَّ اللهَ لَعَنَ الْكافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيراً (٦٤) خالِدِينَ فِيها أَبَداً لا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً (٦٥) يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يا لَيْتَنا أَطَعْنَا اللهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولا (٦٦) وَقالُوا رَبَّنا إِنَّا أَطَعْنا سادَتَنا وَكُبَراءَنا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلا (٦٧) رَبَّنا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْناً كَبِيراً)(٦٨)
وقوله : (يَسْئَلُكَ النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ) :
جائز أن يكون السؤال عنها ما ذكر في آية أخرى حيث قال : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْساها) [الأعراف : ١٨٧] وعن قيامها فقال : (قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ اللهِ).
ففيه دلالة إثبات رسالة رسوله صلىاللهعليهوسلم ؛ لأنه حين سئل عنها ، فوض أمرها وعلمها إلى الله ، على ما أمر به ، ولو كان غير رسول الله ـ لكان يجيبهم ـ علم أو لم يعلم ـ على ما يفعله طلاب الرئاسة ، بل قال : (عِلْمُها عِنْدَ اللهِ) ؛ دل أنه رسول الله ، فبلغ إليهم ما أمر بالتبليغ إليهم.
وقوله : (وَما يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيباً).
هذا يخرج على الوعيد والتحذير ، وهو يخرج على وجهين :
أحدهما : كأنه يقول : اعلم أن الساعة تكون قريبا ؛ على الإيجاب ؛ لأن (لَعَلَ) من الله واجب ؛ فهو وكل ما هو آت فهو كالكائن.
والثاني : على الترجي ، أي : اعملوا على رجاء أنه قريب ، والله أعلم.
وقوله : (إِنَّ اللهَ لَعَنَ الْكافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيراً).
لعنهم ، أي : طردهم عن رحمته ؛ لما علم أنهم يختارون الكفر على الإيمان ويختمون