كانت كسرة : ياء.
وقوله : (رَبَّنا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذابِ).
ظنوا أن يكون لهم بعض التسلي والتفرج ؛ إذا رأوا أولئك الذين أضلوهم في زيادة من العذاب ، على ما يكون للرجل بعض التسلي إذا رأى عدوه في بلاء وشدة ، فلما لم يكن لهم من ذلك تسلّ ، بل كان لهم من ذلك زيادة عذاب وشدة ؛ فقالوا عند ذلك : (يا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ ...) الآية [الزخرف : ٣٨].
وقوله : (وَالْعَنْهُمْ لَعْناً كَبِيراً).
جائز أن يكون هذا ، أي : عذبهم عذابا كبيرا طويلا.
قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسى فَبَرَّأَهُ اللهُ مِمَّا قالُوا وَكانَ عِنْدَ اللهِ وَجِيهاً (٦٩) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً (٧٠) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فازَ فَوْزاً عَظِيماً (٧١) إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَها وَأَشْفَقْنَ مِنْها وَحَمَلَهَا الْإِنْسانُ إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولاً (٧٢) لِيُعَذِّبَ اللهُ الْمُنافِقِينَ وَالْمُنافِقاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكاتِ وَيَتُوبَ اللهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً)(٧٣)
وقوله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسى فَبَرَّأَهُ اللهُ مِمَّا قالُوا).
يقول عامة أهل التأويل : إن موسى كان لا يغتسل فيما يراه أحد ؛ فقال بنو إسرائيل : إن موسى آدر ، ويروون على ذلك عن نبي الله صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «إن بني إسرائيل طعنوا نبي الله موسى بذلك ، فذهب ذات يوم يغتسل ، فوضع ثيابه على حجر ، فسعى الحجر بثوبه ؛ فجعل موسى يعدو في إثره ويقول : [ثوبي] حجر ـ أي : يا حجر ثوبي ـ حتى مرّ به على ملأ بني إسرائيل ؛ فعلموا أنه ليس به شيء (١) ، فذلك قوله : (فَبَرَّأَهُ اللهُ مِمَّا قالُوا)» ، وكان موسى يتأذى بما كانوا يطعنون ؛ فعلى ذلك رسول الله كان يتأذى ؛ إذا قالوا : زيد بن محمد ؛ فأمروا أن يدعوه لأبيه ، يقول : (ادْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللهِ) [الأحزاب : ٥] زيد بن حارثة ، لكن هذا التأويل بعيد ؛ لأن موسى كان يدعوهم إلى ستر العورة ، لا يحتمل أن يطمعوا هم منه الاغتسال معهم ، وأن يكشف عورته لهم ، أو ينظر إلى عورة أحد ، هذا وخش من القول أو يسلط حجرا ، فيذهب بثيابه حتى يراه الناس
__________________
(١) أخرجه البخاري (٧ / ٩٦) كتاب أحاديث الأنبياء (٣٤٠٤) ، ومسلم (٤ / ١٨٤٢) كتاب الفضائل : باب من فضائل موسى صلىاللهعليهوسلم (١٥٥ / ٣٣٩) ، والترمذي (٥ / ٢٧٣) في التفسير : باب «ومن سورة الأحزاب» (٣٢٢١) ، وأحمد (٢ / ٥١٤) ، وابن جرير (٢٨٦٧٣) من حديث أبي هريرة.