تأويلات أهل السنّة تفسير الماتريدي [ ج ٨ ]

قائمة الکتاب

البحث

البحث في تأويلات أهل السنّة تفسير الماتريدي

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
إضاءة الخلفية
200%100%50%
بسم الله الرحمن الرحيم
عرض الکتاب

تأويلات أهل السنّة تفسير الماتريدي [ ج ٨ ]

كأنه قالت لهم الرسل : (كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ) ؛ إذ ذكر أنه بعث فيهم كذا كذا رسولا.

ثم وصف بلدة سبأ أنها طيبة ؛ حيث قال : (بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ) :

يحتمل ما ذكر من طيبها : هو سعتها وكثرة ريعها ومياهها وألوان ثمارها وفواكهها.

وقوله : (وَرَبٌّ غَفُورٌ) ، أي : إن ربكم إن شكرتم فيما رزقكم وأنعم عليكم رب غفور لذنوبكم.

أو يقال : (وَرَبٌّ غَفُورٌ) ، أي : ستور ، يستر عليكم ذنوبكم ، ولا يفضحكم إذا صدقتموه ، وأطعتموه ، وشكرتم نعمه.

ذكر أن المرأة منهم كانت تحمل المكتل على رأسها ، والمغزل بيدها ، فتدخل البستان ؛ فتمتلئ مكتلها من ألوان الفواكه والثمار من غير أن تمس شيئا بيدها ؛ لكثرة ريعها ونزلها ، والله أعلم.

ثم ذكر سبب تبديل الجنتين اللتين كانت لهم ، وبم كان التبديل؟ وهو ما قال : (فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ).

قال بعضهم (١) : كان أهل سبأ إذا مطروا يأتيهم السيل من مسيرة شهر أياما كثيرة ، فعمدوا فسدّوا العرم ، وهو الوادي ما بين الجنتين ، بالصخرة والقبو ، وجعلوا عليه الأبواب ، فلما عصوا ربهم ، فأعرضوا عنه ، وكفروا نعمه ؛ فسلط الله عليهم ـ على ذلك السدّ الذي بنوا الفأرة ؛ فنقبت الردم ، فغشي الماء أرضهم ؛ فعقر أشجارهم ، وأباد أنعامهم ، ودفن محاريثهم ، وذهب بجناتهم.

ومنهم من يقول (٢) : (الْعَرِمِ) : وهو المسنّاة ، واحدها : عرمة ، فذهب السيل الذي أرسل عليهم بالمسناة ؛ فيبست جناتهم ، وأبدل لهم مكان الثمار والأعناب ما ذكر من الخمط والأثل والسدر ؛ حيث قال : (ذَواتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ).

الأكل القليل هو الثمر ، والخمط : الأراك.

وقال بعضهم : شجر العضاة ، وهي شجر ذات شوك ، والأثل ، قيل (٣) : هو شبيه

__________________

(١) قاله قتادة ، أخرجه ابن جرير (٢٨٧٩٣) وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه ، كما في الدر المنثور (٥ / ٤٣٧) ، وهو قول الضحاك أيضا.

(٢) قاله عمرو بن شرحبيل ، أخرجه سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عنه ، كما في الدر المنثور (٥ / ٤٣٧).

(٣) قاله ابن عباس أخرجه ابن جرير (٢٨٨٠٨) وابن المنذر ، وابن أبي حاتم عنه ، كما في الدر المنثور (٥ / ٤٣٧).