(هَلْ يُجْزَوْنَ إِلَّا ما كانُوا يَعْمَلُونَ).
أي : لا يجزون إلا جزاء عملهم في الدنيا.
قوله تعالى : (وَما أَرْسَلْنا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلاَّ قالَ مُتْرَفُوها إِنَّا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ كافِرُونَ (٣٤) وَقالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوالاً وَأَوْلاداً وَما نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ (٣٥) قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ (٣٦) وَما أَمْوالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنا زُلْفى إِلاَّ مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً فَأُولئِكَ لَهُمْ جَزاءُ الضِّعْفِ بِما عَمِلُوا وَهُمْ فِي الْغُرُفاتِ آمِنُونَ (٣٧) وَالَّذِينَ يَسْعَوْنَ فِي آياتِنا مُعاجِزِينَ أُولئِكَ فِي الْعَذابِ مُحْضَرُونَ (٣٨) قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ وَما أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ)(٣٩)
وقوله : (وَما أَرْسَلْنا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قالَ مُتْرَفُوها إِنَّا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ كافِرُونَ).
قال بعضهم : المترف : المتكبر.
وقال آخرون : المترف هو الذي يجمع أصناف المال مع العناد والتكبر.
وقال بعضهم (١) : المترفون هم الرؤساء منهم.
وهذا ينقض على المعتزلة قولهم : إن الله لا يفعل إلا ما هو أصلح له في الدين ، ولا شك أن هؤلاء المترفين إنما قالوا لما قالوا وفعلوا ما فعلوا ؛ لسعتهم وبسطهم في المال ؛ فلو لم يكن ذلك لهم ـ ما فعلوا ذلك ، دل أن المنع لهم عن ذلك أصلح لهم من البسط ، والله أعلم.
وقوله : (وَما أَرْسَلْنا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قالَ مُتْرَفُوها) ، المترف ما ذكر.
[و] قال بعضهم : المتكبر المتجبر.
وقال بعضهم : المترف : الذي يجمع مع الكبر والعناد الأموال.
وقال بعضهم : (مُتْرَفُوها) : أغنياؤها ، وكله واحد ، وهم رؤساؤها.
وفيه ردّ قول المعتزلة في الأصلح ، على ما ذكرنا.
وقوله : (وَقالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوالاً وَأَوْلاداً).
يخرج قولهم ذلك لوجهين :
أحدهما : قالوا ذلك : إنا إذا أوتينا في الدنيا الأموال والأولاد ؛ فلا يعذبنا في الآخرة على ما تزعمون.
أو أن يقولوا ذلك : إنك لو كنت بعثت رسولا على ما تزعم ، فنحن أولى بالرسالة
__________________
(١) قاله قتادة ، أخرجه ابن جرير (٢٨٨٦٧) ، وعبد الرزاق وعبد بن حميد وابن أبي حاتم عنه ، كما في الدر المنثور (٥ / ٤٤٧).