وفي حرف ابن مسعود : ما يفتح الله على الناس من رحمة.
وقوله : (وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) : قد ذكرناه في غير موضع.
وقوله : (يا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خالِقٍ غَيْرُ اللهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ).
كأنه هو صلة ما تقدم.
ثم هو على التقرير والإيجاب وإن خرج مخرج الاستفهام في الظاهر ، كأنه يقول ـ والله أعلم ـ : إنكم تعلمون أنه هو رازقكم دون من تعبدون.
(لا إِلهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ).
أي : لا إله إلا هو ، فما الذي حملكم على افككم وكذبكم أنها شركاؤه وأنها آلهة ، وأنها شفعاؤكم عند الله وأن عبادتكم إياها تقربكم إلى الله زلفى ـ كتاب أو رسول ، وأنتم لا تؤمنون بكتاب ولا رسول فمن أين تؤفكون وتكذبون؟! والله أعلم.
وقوله : (وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ).
معلوم أنهم كانوا لا يكذبونه في قوله : (هَلْ مِنْ خالِقٍ غَيْرُ اللهِ) ، ولا في قوله : (ما يَفْتَحِ اللهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَها وَما يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ) ؛ لأنهم كانوا يعلمون أنه ليس من خالق غير الله ولا فاتح رحمة سواه إذا كان هو ممسكها ، ولا ممسك لها إذا كان هو مرسلها ، ولكن إنما يكون تكذيبهم إياه فيما يخبر أنه رسول الله إليهم ، كذبوه في الرسالة أو فيما يخبر أنه أوحي إليه من الله كذا ، أو فيما يخبر عن البعث بعد الموت أنه كائن ، وأمثال ذلك ، فأما فيما ذكرنا فلا ، وهو تعزية منه لرسوله ليصبر على تكذيبهم إياه ؛ ليعلم أنه ليس بأول مكذب ، بل قد كان إخوانه من قبل قد كذبوا من قبل فيما أخبروا قومهم عند الله ، فصبروا على ذلك ، فاصبر أنت أيضا ؛ كقوله : (فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ ...) الآية [الأحقاف : ٣٥] ، والله أعلم.
وقوله : (وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ).
وإلى الله يرجع تدبير الأمور ، أي : لا تدبير للخلق في ذلك.
أو يقال : إلى الله يرجع الحكم في الأمور هو الحاكم فيها ؛ كقوله : (وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللهِ) ، والله أعلم.
قوله تعالى : (يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللهِ الْغَرُورُ (٥) إِنَّ الشَّيْطانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّما يَدْعُوا حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحابِ السَّعِيرِ (٦) الَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ (٧) أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ