عليه الصلاة والسلام ـ لكنهم عاندوه وكابروه وكفروا به.
وقوله ـ عزوجل ـ : (فَكَفَرُوا بِهِ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ).
علم عيان ومشاهدة ؛ إذ عرفوا علم خبر بالحجة والآيات ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنا لِعِبادِنَا الْمُرْسَلِينَ. إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ. وَإِنَّ جُنْدَنا لَهُمُ الْغالِبُونَ. فَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّى حِينٍ) ، اختلف فيه :
قال بعضهم : إن الرسل ـ عليهمالسلام ـ كانوا منصورين لم يغلب رسول قط فإنما قتل : الأنبياء ورسل المرسلين الذين يبلغون رسالة الرسل إلى قومهم ويخبرون عنهم ، فأما الرسل أنفسهم فهم لم يقتلوا ولا قتل أحد منهم ؛ عصمهم الله تعالى عن الناس وعما هموا بهم.
وقال بعضهم : إنهم منصورون لما نصر العاقبة لهم ؛ إذ لم يكن رسول إلا وقد كانت العاقبة له وإن غلب في الابتداء.
وقال بعضهم (١) : (إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ) بالحجج والآيات والبراهين أنهم يغلبون بحججهم وآياتهم ويرفعون بها الشبه والتمويهات ، والله أعلم.
ويستدل صاحب التأويل الأول بقوله ـ عزوجل ـ : (وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ) [آل عمران : ١٤٦] ، وفي بعض القراءات : (قاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَما وَهَنُوا لِما أَصابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ وَما ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكانُوا) [آل عمران : ١٤٦] أخبر أنهم وإن قتلوا فإنهم لم يهنوا ولم يضعفوا ، ثم قال ـ عزوجل ـ : (وَما كانَ قَوْلَهُمْ إِلَّا أَنْ قالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا وَإِسْرافَنا فِي أَمْرِنا وَثَبِّتْ أَقْدامَنا وَانْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ) [آل عمران : ١٤٧] ، ثم أخبر أنه آتاهم الله ذلك حيث قال : (فَآتِهِمْ ...) [آل عمران : ١٤٨] كذا ، والله أعلم ؛ دل [أنه] وإن غلبوا وقتلوا فهم المنصورون.
ثم قوله : (إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ) ذكر (إِنَّهُمْ لَهُمُ) بحرفين ومعناهما واحد على التأكيد ؛ كقوله ـ عزوجل ـ : (وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ) [الصافات : ١٦٥] ، وقوله : (إِنِّي أَنَا اللهُ) [طه : ١٤٤] ، وإن كان الواحد [كافيا] كما في قوله ـ عزوجل ـ : (وَإِنَّ جُنْدَنا لَهُمُ الْغالِبُونَ) [الصافات : ١٧٣] أي : رسلنا أو أتباعنا وأولياؤنا هم الغالبون على ما ذكرنا ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (فَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّى حِينٍ).
يحتمل أي : لا تكافئهم بأذاهم إياك إلى حين أو لا تقاتلهم ، فكيفما كان ففيه وجهان من الدليل : أحدهما : دليل على رسالته حيث أخبر أنهم يكونون على الكفر إلى الحين الذي ذكر ويهلكون على ذلك حيث قال : (فَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّى حِينٍ).
__________________
(١) قاله السدي أخرجه ابن جرير (٢٩٦٩٦).