وقوله : (فَلَوْ أَنَّ لَنا كَرَّةً فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ).
وقوله : (فَلَوْ أَنَّ لَنا كَرَّةً) أي : لو أن لنا رجعة إلى المحنة فنكون من المؤمنين ، فأخبر الله أنهم لو ردوا لعادوا بقوله : (وَلَوْ رُدُّوا لَعادُوا) إلى ما كانوا فيه لما نهوا عنه ، وقد ذكرناه.
وقوله : (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً) ما ذكرنا من الأخبار والأنباء لآية وعبرة لمن اعتبروا.
(وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ) : قال بعضهم : لو كان أكثرهم مؤمنين ما عذبوا في الدنيا. وجائز أن يكون لو ردوا إلى المحنة التي سألوا الرجعة إليها ، ما كان أكثرهم مؤمنين.
وجائز أن يكون نفر منهم ، والله أعلم.
(وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ) : قد ذكرناه.
قوله تعالى : (كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ (١٠٥) إِذْ قالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ نُوحٌ أَلا تَتَّقُونَ (١٠٦) إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (١٠٧) فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ (١٠٨) وَما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلى رَبِّ الْعالَمِينَ (١٠٩) فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ (١١٠) قالُوا أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ (١١١) قالَ وَما عِلْمِي بِما كانُوا يَعْمَلُونَ (١١٢) إِنْ حِسابُهُمْ إِلاَّ عَلى رَبِّي لَوْ تَشْعُرُونَ (١١٣) وَما أَنَا بِطارِدِ الْمُؤْمِنِينَ (١١٤) إِنْ أَنَا إِلاَّ نَذِيرٌ مُبِينٌ (١١٥) قالُوا لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يا نُوحُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمَرْجُومِينَ (١١٦) قالَ رَبِّ إِنَّ قَوْمِي كَذَّبُونِ (١١٧) فَافْتَحْ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ فَتْحاً وَنَجِّنِي وَمَنْ مَعِيَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (١١٨) فَأَنْجَيْناهُ وَمَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ (١١٩) ثُمَّ أَغْرَقْنا بَعْدُ الْباقِينَ (١٢٠) إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (١٢١) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ)(١٢٢)
وقوله : (كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ) : ذكر كذبت بالتأنيث على إضمار جماعة ؛ كأنه قال : كذبت جماعة قوم نوح ، وإلا القوم يذكر ويؤنث.
وقوله : (الْمُرْسَلِينَ) : لأن من كذب رسولا من الرسل فقد كذب الرسل جميعا ؛ لأن كل رسول يدعو الخلق إلى الإيمان بجميع الرسل.
وبعد : فإن نوحا كان يدعو قومه إلى الإيمان بالرسل الذين يكونون بعده ؛ لذلك قال ـ والله أعلم ـ : (كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ).
وقوله : (إِذْ قالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ نُوحٌ) : قال أهل التأويل : كان أخاهم في النسب ، وليس بأخيهم في الدين. قال الشيخ أبو منصور ـ رحمهالله ـ : إن الله ـ تعالى ـ سمى الناس : بني آدم ؛ على بعدهم من آدم ، فيجوز ـ أيضا ـ تسميتهم : إخوة على بعد بعضهم من بعض.
وقوله : (أَلا تَتَّقُونَ) : نقمة الله وعذابه في مخالفتكم أمره ونهيه.