الإياس ؛ فكذلك يفتح الأحوال بعد اليأس منها ، والرضا بالإفلاس عنها.
قوله تعالى : (لَقَدْ كانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبابِ) أي : لزوم الأحوال من العارفين والمحبين والصادقين والمتقين والصابرين والعاشقين ؛ لأن فيها من مقلوبات أهل الولاية ما يليق بشأنهم من الفراق والوصال والبلاء والامتحان والعشق والمحبة ، وتحمل الجفاء والمكاشفة والبراهين الساطعة ، اقتداء بهم وطلبا لما وصل إليهم من الدرجات الرفيعة والمقامات الشريفة.
قال جعفر الصادق رضي الله عنه : أولى الأسرار مع الله.
قال ابن عطاء : عبرة لمن اعتبر وموعظة لمن اتعظ في أن النفس ليس هي بمحل أمن ولا اعتماد عليها.
قال الأستاذ : منها للملوك في بسط العدل كما بسط يوسف عليهالسلام وفي المن على الرغبة والإحسان إليهم كما فعل يوسف عليهالسلام لما ملكهم أعتقهم كلهم ، ومن العبرة في قصصهم لأرباب التقوى أن يوسف عليهالسلام ل ما ترك هواه رقى الله إلى ما دقاه ، ومن ذلك العبرة لأهل التقوى في اتباع الهوى من شدة البلاء ، كامرأة العزيز لما تبعت هواها لقيت ما ليقت من الضرر والفقر ، ومن ذلك العبر للمماليك في حفظ حرمة السادة كيوسف عليهالسلام لما حفظ حرمته في زليخا ملك منك بالعزيز وصارت زليخا امرأته حلالا ، ومن ذلك العفو عند القدرة كيوسف عليهالسلام حيث تجاوز عن إخوته ، ومنها ثمرة الصبر كيعقوب عليهالسلام لما صبر على مقاسات حزنه ، ظفر يوما بلقاء يوسف عليهالسلام ، إلى غير ذلك من الإشارات في قصة يوسف عليهالسلام.
وقال تعالى : (وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) فيه بيان جميع المقامات والمعاملات والمكاشفات والمشاهدات والايات والكرامات والمنجيات والمهلكات ولطائف الإشارات إلى علوم اللدنية ، والأسرار العجيبة ، وهدى أي هاديا لمن له استعداد هذه الواقعات في طريق الله ، وما يبدوا منه نعم مشاهدته ، وكرائم ألطافه ورحمة ، أي : هاديا لقلوب المحزونين ، وباكورة لفؤاد المحبين ، وشمومة لأرواح العارفين ، الذين يؤمنون بالله لا بأنفسهم ، يعرفون ربه لا بما منه ، فإن ما منه محل الامتحان ، وهو تعالى بجلاله معادن العرفان ، والله أعلم.
***
سورة الرعد
بسم الله الرّحمن الرّحيم
(المر تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ وَالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ وَلكِنَّ أَكْثَرَ