الحق إليه إلى جماله ، وهناك هو عروس الحق ومحبوبه ، لا يجوز أن يشتغل برسم من الرسوم ، بل الاشتغال بحكم الوقت عين العبودية ، أي عبودية أعظم من متابعة أمر المحبوب ، لكن ما دام قادرا أن يكون مصححا لظاهر رسوم العبادة ، ولم يكن سكرانا غائبا يلزم عليه حفظ الأوقات في العبودية إلى الممات ، وهذا من شعار أهل التمكين.
قال الواسطي : لا يلاحظ غيره في الأوقات حتى يأتيك اليقين ، فيتحقق عندك أنك لا تحس بغير الحق ، ولا ترى إلا الحق ، ولا يجاذبك إلا الحق.
وقال فارس : حتى تتيقن أنك لست تعبده حق عبادته.
وقال أيضا : من نظر إلى معبوده سقط عن عبادته ، ومن نظر إلى عبادته سقط عن معبوده.
وقال الحسين : (وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ) ، أي : إنك تستيقن بأنك لا تعبده ولا يعبد أحد حق العبودية ابتداء وانتهاء ، فتستوجب بما لا بد من مكافأته.
قال ابن عطاء أن الله حكم على أصفيائه وأحبائه وأخلائه أن لا يخرجهم من الدنيا إلا وطوق العبودية في أعناقهم ، لباس الخدمة عليهم ، ولذا قال لحبيبه صلىاللهعليهوسلم من بين بريته :
(وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ).
قال الحسين بن عبد الله : بصدق التوحيد خرج عن رسوم التقليد ، وأبان عن شرف التفريد ، فصار علمه جهلا وعرفانه نكرة.
وقال الحسين : العبودية كلها شريعة ، والربوبية كلها حقيقة.
قال الأستاذ : قف على بساط العبودية معتنقا للخدمة إلى أن تجلس إلى بساط القربة ، وتطالب باداب الوصلة ، ويقلل النوم شرائط العبودية إلى أن ترقى ، بل تلقى بصفات الحرية.
سورة النحل
بسم الله الرّحمن الرّحيم
(أَتى أَمْرُ اللهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ (١) يُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ أَنْ أَنْذِرُوا أَنَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ أَنَا فَاتَّقُونِ (٢) خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ تَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ (٣) خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ (٤) وَالْأَنْعامَ خَلَقَها لَكُمْ فِيها دِفْءٌ وَمَنافِعُ وَمِنْها تَأْكُلُونَ (٥))
(أَتى أَمْرُ اللهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ) الإشارة في إتيان الأمر الإلهي أنّه تعالى كان قديما