لأنه يغويهم إلى زيادة المعصية.
قال بعضهم : من اتبع هواه فقد تولى الشيطان ، ومن ركن إلى الدنيا فقد اتبعه ، ومن أحب الرئاسة فقد اتبعه ، ومن خالف ظاهر العلم فقد تولاه ، ومن خان المسلمين فقد جعل للشيطان عليه سبيلا ، ومن ركب شيئا من المخالفات ظاهرا وباطنا فقد أهلك نفسه ، ومن تولى الشيطان فقد تبرأ من الحق.
(قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُوا وَهُدىً وَبُشْرى لِلْمُسْلِمِينَ (١٠٢) وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّما يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهذا لِسانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ (١٠٣) إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِآياتِ اللهِ لا يَهْدِيهِمُ اللهُ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (١٠٤) إِنَّما يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِآياتِ اللهِ وَأُولئِكَ هُمُ الْكاذِبُونَ (١٠٥) مَنْ كَفَرَ بِاللهِ مِنْ بَعْدِ إِيمانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ وَلكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللهِ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ (١٠٦) ذلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّوا الْحَياةَ الدُّنْيا عَلَى الْآخِرَةِ وَأَنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ (١٠٧) أُولئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَسَمْعِهِمْ وَأَبْصارِهِمْ وَأُولئِكَ هُمُ الْغافِلُونَ (١٠٨) لا جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْخاسِرُونَ (١٠٩))
قوله تعالى : (قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُوا) إذا لم يكن الأعداء من قبيل أهل المعرفة بخطاب الله صار بحجتهم الإنكار عليه ، لبعد مكانها من معرفة الله وشهوده ، ووجوده ، وما صدر منه ، من كلامه العزيز ردّهم الله بقوله : (قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ) يعني أن الله سبحانه كلّم في الأزل ، فأوحى جبرائيل عليهالسلام وأمره أن يوحي حبيبه أمر حبيبه أن يبلغه إلى المؤمنين الذين عرفوا الله بالأرواح حين أخذها الحق بميثاقه وكلمها بكلامه حين قالوا : بلى ، ليثبتوا في معرفة الله بخطاب الله ، ويستقيموا في طاعتهم ، ثم وصف كتابه بأنه معرف جميع صفاته وذاته لأهله ، ومبشر لهم بوصال حبيبهم بقوله : (وَهُدىً وَبُشْرى لِلْمُسْلِمِينَ) وأن الله سبحانه إذا أراد أن يتكلم ، يتكلم بنفسه مع نفسه ، كما يليق بجلاله ، بلا همهمة ، ولا صوت ، ولا شيء من صفة الحدثان ، ثم يلبس كلامه قوة من قوته ، وجلالة من جلاله ، وعظمة من عظمته ، فيسمع جبرائيل على ما يليق بقوته ، يسمع كلامه بقوة قدسية مستعارة من قدس الله ، ولو لا ذلك لذاب بسماعه أهل الملكوت ، ثم إن جبرائيل احتمل ذلك ، ونزل به إلى النبي صلىاللهعليهوسلم فألبس الحق ذلك القوة والجلال قلب نبيه فسمعه بتلك القوة ، ثم يفيض تلك القوة في جميع وجوده ، فثقل عليه فحفظه الله بحفظه حتى بقي