وَلَداً) ، بدأ الكل من حواشي حرفية النون وكافه ، فكافه ونونه منزه عن أن يكون محلا لحمل الحدثان ، وأخذه من حيث المباشرة بدء حين القدر جاء بأمر القدم ، فظهر الكون من نيران الكاف والنون ، حيث أظهرها من العدم للقدم ، فإذا قطع الخيال والأوهام عن درك الأولية ، روح الأسرار بأحديته عن كل ضد وند ، بأن يزول عزته عن تعالي الأضداد عليه ، ففزع أسرار الموحدين عن نقائص الفناء ، ودخولها في بقائه لقوله : (وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِ) فإذا أفرد نفسه عن النقائص والنكائد وعلل الحوادث فردانية حقيقية منزهة عن أوهام المشيرين إليه بعلل الخيال والوهم والعدد والمدد ، أمره بأن يكبره ويعظمه من كل خاطر ممزوج بالتشبيه والتعطيل بقوة ظهور كبريائه في قلبه لا من حيث العلم والصورة بقوله : (وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً) تعالى الله ، وتعالى كبريائه عن أن يكون في ملكه متكبرا ، وفي ساحة جلاله متعظم.
قال ابن عطاء : عظم منته وإحسانه في قلبك بعلمك بتقصيرك في شكره.
وقال بعضهم : اعلم أنك لا تطيق أن تكبره الاية ، فاستغث به ليدل قلبك على مواقف التعظيم.
سورة الكهف
بسم الله الرّحمن الرّحيم
(الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلى عَبْدِهِ الْكِتابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجاً (١) قَيِّماً لِيُنْذِرَ بَأْساً شَدِيداً مِنْ لَدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً حَسَناً (٢) ماكِثِينَ فِيهِ أَبَداً (٣) وَيُنْذِرَ الَّذِينَ قالُوا اتَّخَذَ اللهُ وَلَداً (٤) ما لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلا لِآبائِهِمْ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْواهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلاَّ كَذِباً (٥))
(الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلى عَبْدِهِ الْكِتابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجاً) حمد نفسه سبحانه في الأزل ، وكان موصوفا بحمده الأزلي قبل حمد الحامدين له حمدا يكافئ كتابه الذي أنزل على عبده ، ولو وكل حمده إلى عبده لإنزال كتابه عليه ؛ لذهب بحمده عن وجود الكون ، ولم يطق أن يحمل وارد حمده بحكمة واستحقاق حمده.
فشكر نفسه لما منّ على عبده ؛ ليسهل على عبده طريق عبوديته ؛ لأن حمد القديم لا يحتمل إلا القديم ، شرف على الأنام لما منّ عليه من العرفان ، وسماه عبده ، وأي : تكرمة أكرم من هذا ، ولا يليق الحدثان بعبودية الذي يفنى أول سطوات عظمته الكون كان مسألة تعليم