قال الواسطي : في هذه الاية الكون في قبضة الحق ، وهو هباء في جنب القدرة.
قال الله : (وَإِنَّا لَجاعِلُونَ ما عَلَيْها صَعِيداً جُرُزاً).
(وَإِنَّا لَجاعِلُونَ) بتجلينا وتجلي صفاتنا (ما عَلَيْها) من صفاتها هامدة كأرض ملساء لا نبات فيها أي : نفنيها وصفاتها بالموت الحقيقي وبالموت الطبيعي ولا نبالي.
قوله تعالى : (أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كانُوا مِنْ آياتِنا عَجَباً) ذكر سبحانه من بسط قدرته ، وعظيم آياته ، وعجائب شأنه أي : إيش معجب من أصحاب الكهف والرقيم من لبثهم في الكهف ثلاثمائة سنين وزيادة فإنهم في مراقد أنسنا ، وبساتين قدسنا ، غائبون فينا عن غيرنا ، فإن في سعة قدرتنا ، إنا نحن لو نشق وردة من بساتين غيبنا لمشامّ العالمين ، يهيمون في البوادي والقفار أبدا ، وما أظهرنا فيك من الايات الكبرى أعجب من حالهم ألف مرة ، وليس في عالم القدرة القديمة عجز عن إيجاد كل موهوم ومعدوم.
قال الحسين : أصحاب الكهف في ظل المعرفة الأصلية لا يزايلهم بحال ؛ لذلك خفي على الخلق آثارهم.
وقال ابن عطاء : سلبهم عنهم وأخذهم منهم ، وحال بينهم وبين الأغيار ، وألجأهم إلى غار الأنس ، وآواهم ، وآمنهم ثم أفناهم عنهم ، وغيبهم من إرادتهم ومعاينتهم ، فتاهوا في الحضرة والهين ؛ لذلك قال الله سبحانه : (أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ) ، بل : (أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كانُوا مِنْ آياتِنا عَجَباً).
أي : إذا شاهدت هذا الإنشاء والإفناء ، فليس حال أصحاب الكهف آية عجيبة من آياتنا ، بل هذه أعجب.
وقال الجنيد : لا تتعجب منهم فشأنك أعجب من شأنهم ، حيث أسري بك في ليلة من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى ، وبلغ بك سدرة المنتهى ، وكنت للقربى كقاب قوسين أو أدنى ، ثم رددت عند انقضاء الليلة إلى مضجعك.
وقال بعضهم : أصحاب الكهف كالنومى لا علم لهم بوقت ، ولا زمان ولا معرفة بمحل ، ولا مكان ، أحياء موتى صرعى مفيقون ، نومى منتبهون ، لا إليهم سبيل ، ولا لهم إلى غيرهم طريق ، ورددت عليهم خلع الهيبة ، وأظلهم بنور التعظيم ، وأحدقت بهم حجب العظمة ، واستناروا بنور العرش الكريم ؛ لذلك قال الله تعالى لنبيه صلىاللهعليهوسلم : (لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِراراً وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْباً).
وقال الأستاذ : مكثوا في الكهف مدة ، فأضافهم إلى مستقرهم ، فقال أصحاب الكهف :