كأنه تعالى حث نبيه صلىاللهعليهوسلم على التحديث بنعمه بقوله تعالى : (وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ) [الضحى : ١١].
وإشارة الظاهر أي : بيّن طريق الرشد عن الغي لمن تابع الرشد فلا يتبعه إلا بتوفيق الأزل في الغي (وَمَنْ ضَلَ) [يونس : ١٠٨] ، (فَلا يَضِلُ) [طه : ١٢٣] إلا بسابق قدر الحق.
قال ابن عطاء : أظهر الحق للخلق سبيل الحق وطرق الحقيقة ، فمن سالك فيه بالتوفيق ومعرض عنه بالخذلان.
وهذا قوله : (وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ) فمن شاء الحق له الهداية هداه بطريق الإيمان ، ومن شاء الله له الإضلال سلك به مسلك الكفر وهو الضلال البعيد.
(يُحَلَّوْنَ فِيها مِنْ أَساوِرَ مِنْ ذَهَبٍ) أي : يزينون فيها بأنواع الحلي من حقائق التوحيد الذاتي ومعاني التجليات العينية الأحدية ، إذ الذهبيات من الحلي هي العينيات والفضيات هي الصفاتيات النورانيات كقوله تعالى (وَحُلُّوا أَساوِرَ مِنْ فِضَّةٍ) [الإنسان : ٢١].
(وَيَلْبَسُونَ ثِياباً خُضْراً) يتصفون بصفات مهيجة حسنة نضرة موجبة للسرور (مِنْ سُنْدُسٍ) الأحوال والمواهب ؛ لكونها ألطف ، (إِسْتَبْرَقٍ) الأخلاق والمكاسب ؛ لكونها أكثف (مُتَّكِئِينَ فِيها عَلَى) أرائك الأسماء الإلهية التي هي مبادئ أفعاله لاتصافهم بأوصافه ، وكون الصفة مع الذات هي الاسم المستند هو عليه في جنة الصفات والأفعال.
(نِعْمَ الثَّوابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقاً) في مقابلة (بئس الشراب وساءت مرتفقا). (هُنالِكَ الْوَلايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ هُوَ خَيْرٌ ثَواباً وَخَيْرٌ عُقْباً (٤٤) وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَياةِ الدُّنْيا كَماءٍ أَنْزَلْناهُ مِنَ السَّماءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَباتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيماً تَذْرُوهُ الرِّياحُ وَكانَ اللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِراً (٤٥) الْمالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَياةِ الدُّنْيا وَالْباقِياتُ الصَّالِحاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَواباً وَخَيْرٌ أَمَلاً (٤٦) وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبالَ وَتَرَى الْأَرْضَ بارِزَةً وَحَشَرْناهُمْ فَلَمْ نُغادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً (٤٧) وَعُرِضُوا عَلى رَبِّكَ صَفًّا لَقَدْ جِئْتُمُونا كَما خَلَقْناكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ بَلْ زَعَمْتُمْ أَلَّنْ نَجْعَلَ لَكُمْ مَوْعِداً (٤٨) وَوُضِعَ الْكِتابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يا وَيْلَتَنا ما لِهذَا الْكِتابِ لا يُغادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلاَّ أَحْصاها وَوَجَدُوا ما عَمِلُوا حاضِراً وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً (٤٩))
قوله تعالى : (مُتَّكِئِينَ فِيها عَلَى الْأَرائِكِ نِعْمَ الثَّوابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقاً) إن الله