الأرض ، وإذا أحب انقلبت له الأعيان ، وإذا شاء مشى على الماء ، وإذا هوى طار في الهواء ، وكذا من أخلص سريرته مكناه من مملكتنا ينقلب فيها كيف يشاء ، فمن كان الملك كان الملك له.
وقال جعفر : إن الله تعالى جعل لكل شيء سببا ، وجعل الأسباب معاني الوجود ، فمن شهد السبب انقطع عن المسبب ، ومن شهد صنع المسبب امتلأ قلبه من زينة الأسباب ، وإذا امتلأ قلبه من الزينة حال بينه وبين الملاحظة ، وحجبه عن المشاهدة قوله تعالى : (وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً) أي : من عرف الله وشاهده وبرئ مما دونه.
(فَلَهُ جَزاءً الْحُسْنى) يعنى له وصل الحق أبدا جزاء لهذه المعاملات الحسنة.
وأيضا زيادة المعرفة بجلال الله وعظمته ، وتلك المعرفة الحسنى من الله.
قال ابن عطاء : من صدق الموعود ، وأحسن اتباع أوامر ربه فله جزاء الحسنى ، وهو أن يرزقه الله الرضا بالقضاء ، والصبر على البلاء ، والشكر على النعمة ، ونزع من قلبه حب الشهوات والدنيا ووساوس النفس والشيطان.
(وَتَرَكْنا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ) بالاضطراب والاختلاط أي : تركناهم يختلطون لاجتماعهم الروح مع عدم الحيلولة.
(وَنُفِخَ فِي الصُّورِ) للبعث في النشأة الثانية (فَجَمَعْناهُمْ جَمْعاً) أو بالقيامة الكبرى حال الفناء ، وظهور الحق جعله دكّا ؛ لارتفاع العلم والحكمة هناك ، وظهور معنى الحل والإباحة ، بتجلي الأفعال الإلهية وانتفاء الغير وفعله (وَتَرَكْنا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ) حيارى مختلطين شيئا واحدا لا حراك بهم ، (وَنُفِخَ فِي الصُّورِ) بالإيجاد بالوجود الحقاني حال البقاء ، فجمعناهم جمعا في التوحيد والاستقامة والتمكين ، وكونهم بالله لا بأنفسهم.
(وَعَرَضْنا جَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لِلْكافِرِينَ عَرْضاً) أي : يوم القيامة الصغرى يتعذب المحجوبون عن الحق بأنواع العذاب والنيران ، كما ذكر في سورة «الأنعام» أو في ذلك الشهود أي : ظهر لصاحب القيامة الكبرى تعذبهم في نار جنهم.
(الَّذِينَ كانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطاءٍ عَنْ ذِكْرِي وَكانُوا لا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعاً (١٠١) أَفَحَسِبَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ يَتَّخِذُوا عِبادِي مِنْ دُونِي أَوْلِياءَ إِنَّا أَعْتَدْنا جَهَنَّمَ لِلْكافِرِينَ نُزُلاً (١٠٢))
قوله تعالى : (الَّذِينَ كانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطاءٍ عَنْ ذِكْرِي) كانت أعينهم في غطاء