مِنْ قَرْنٍ هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزاً (٩٨))
قوله سبحانه وتعالى : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمنُ وُدًّا) في هذه الاية عجيب من أن الله سبحانه قرن الود بالعمل الصالح ، وذكر العمل الصالح قبل الود كان الود جزاء العمل الصالح ، والإشارة فيه أن وده لهم قديم في الأزل ، وبذلك الود عملوا العمل الصالح فإذا اصطفى بذلك الود وقفهم للأعمال الصالحة والأعمال الصالحة من ميراث ذلك الاصطفائية والود فإذا وقع العمل الصالح يزيد كشف ذلك الود في قلوبهم ، والحق سبحانه منزه عن الزيادة والبدء ، فإذا ألبسهم نوره وكسا أسرارهم سنا وده فيكونون مزينين ظاهرا وباطنا ، ويصيرون مرآة جمال الحق ، وكل من يراهم يحبهم فالله أحبهم وهم يحبونه بمحبته ، والخلق يحبونهم بمحبة الله إياهم ، وما يرون من أنوار جمال الحق منهم.
قال ابن عطاء : الذين أخلصوا بسريرتهم لي ، واتعبوا ظاهرهم في خدمتي سأجعل لهم وجها في عبادي لا يراهم أحد إلا أحبهم وأكرمهم وفي محبتهم وكرامتهم كرامتي ومحبتي.
وسئل بعضهم عن قوله : (سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمنُ وُدًّا) قال : يعني لذة وحلاوة في الطاعة.
سورة طه
بسم الله الرّحمن الرّحيم
(طه (١) ما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقى (٢) إِلاَّ تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشى (٣) تَنْزِيلاً مِمَّنْ خَلَقَ الْأَرْضَ وَالسَّماواتِ الْعُلى (٤))
(طه (١)) ذكرنا أن حروف المعجم صناديق أسرار الحق مع حبيبه ولا يطلع عليها بالحقيقة أحد غيره وكل لسان عبر عنها بقدر ما فتح في قلبه من قلبه من علوم السرّية الإلهية وما قال فيه أهل الرسوم والحقائق يكفي لمسترشدي طرق الحقائق ، وما وقع بغير تكلف بالبديهة لهذا العارف أن الله سبحانه أخبر عن مقدم حبيبه من العدم إلى القدم بروحه فالطاء طواف روحه وطوف سره في صحاري هويته قبل القبل حين خرج روحه من نور الغيب وطار في هواء الهوية لطلب الذات السرمدي ومشاهدة الصفات الأزلية حتى وصل بالحق إلى الحق ، وطار في دائرة هوية الغيب فوجد الحق بالحق وعلم من الحق بالحق ما في الحق فصار مقدسا بقدس الحق مطهرا بطهارة الصفة ، وهو بذاته تعالى جعله معرفا لخلقه صفاته وذاته هاديا يهدي به عباده إليه بنعت المحبة والأسوة ، كأنه قال يا طواف قفار الهوية في غيب الأزل